روي أن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) كان في الرحبة ، فقام إليه رجل
فقال : أنا من رعيتك وأهل بلادك ؟
قال
( عليه السلام ) : ( لست من رعيتي ولا من أهل بلادي ، وإن ابن الأصفر – يريد ملك الروم
– بعث بمسائل إلى معاوية فأقلقته وأرسلك إليَّ لأحلَّها ) .
قال
الرجل : صدقت يا أمير المؤمنين ، إن معاوية أرسلني إليك في خفية وأنت قد اطلعت على
ذلك ، ولا يعلمها غير الله .
قال
( عليه السلام ) : ( سل أحد ابنيَّ هذين ) .
قال
الرجل : أسأل ذا الوفرة – الوفرة : هي الشعر المتجمع على الرأس – يعني الحسن ( عليه
السلام ) فأتاه .
فقال
له الحسن ( عليه السلام ) : ( جئت تسأل كم بين الحق والباطل ؟ وكم
بين
السماء والأرض ؟ وكم بين المشرق والمغرب ؟ وما قوس قُزَح ؟ وما
المُخَنَّث
؟ ، وما عشر أشياء بعضها أشدّ من بعض ) ؟
قال
الرجل : نعم .
قال
الحسن ( عليه السلام ) : ( بين الحق والباطل أربع أصابع ، ما رأيته بعينك فهو حق
وقد تسمع بأذنيك باطلاً ) .
وبين
السماء والأرض دعوة المظلوم ، ومَدّ البصر ، وبين المشرق والمغرب مسيرة يوم للشمس .
وَقُزَح
اسم الشيطان ، وهو قوس الله وعلامة الخصب ، وأمان لأهل الأرض من الغرق .
وأما
المُخَنَّث فهو الذي لا يُدرَى أذكر أم أنثى فإنه يُنتَظَرُ به ،
فإذا
كان ذكراً احتلم ، وإن كانت أنثى حاضت وبدا ثدييها ، وإلا قيل له : بُلْ ! فإن
أصاب بوله الحائط فهو ذكر ، وإن انتكص بوله على رجليه كما ينتكص بول
البعير فهو أنثى .
وأما
عشرة أشياء بعضا أشدّ من بعض ، فأشد شيء خلق الله الحجر ، وأشد منه
الحديد
يقطع به الحجر ، وأشد من الحديد النار تذيب الحديد ، وأشد من النار
الماء
، وأشد من الماء السحاب ، وأشد من السحاب الريح تحمل السحاب ، وأشد
من
الريح الملك الذي يردها ، وأشد من الملك ملك الموت الذي يميت الملك ،
وأشد
من ملك الموت الموت الذي يميت ملك الموت ، وأشد من الموت أمر الله
الذي
يدفع الموت