السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العبادة لله هي فرع المعرفة والايمان وهي عبارة عن قمة اتصال العبد بالله . وهي علة خلق الخلق حيث يقول جلا وعلا :{وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون } ويتضح من الايات ان كل موجود يسبح بكيفية مناسبة لأستعداده وسعته الوجودية ..
.وبهذه الرتبة " العبودية " شرف رسول الله (ص واله)على كل الموجودات .. حيث لم تخلوا لحظة واحدة من حياة الرسول وآله الاطهار الا وكانت لله !!!
والامام زين العابدين (ع) سليل الأطهار (ع) لقب بالسّجاد لاجل هذه العبودية . حول مسيرة حياته كلها بسرائها وضرائها الى عبودية محضة باللسان والسلوك ..
في الوقت الذي نؤدي واجباتنا بثقل وفتور وفي الوقت الذي جفت من قلوبنا منابع المناجاة ولذتها ينصرف الامام(ع) في ظلمات الليل ليخلو مع من يؤنس قلبه ليناجيه بقلب حزين !!
ففي الحديث عن الامام الصادق (ع) :"كان علي بن الحسين ( عليهما السلام ) شديد الأجتهاد في
العبادة , نهاره صائم وليله قائم .."
كان اذا توضأ أصفر لونه فيقول أهله
ما الذي غشيه ؟
فيقول : أتدرون لمن أتأهب للقيام بين يديه ؟
وكان أذا حضر الصلاة أقشعر جلده , وأصفر لونه , وارتعد كالسعفة..
ودخل ابو جعفر أبنه عليه السلام فأذا هو قد بلغ من العبادة ما لم يبلغه أحد فرآه وقد أصفر لونه من السهر ورمضت عيناه من البكاء ودبرت جبهته وأنخرم أنفه من السجود وقد ورمت ساقاه من القيام في الصلاة ..
فقال ابو جعفر (ع) : فلم أملك حين رايته في تلك الحال من البكاء فبكيت رحمة له فأذا هو يفكر فألتفت اليّ بعد هنيهة من دخولي
فقال : يا بني أعطني بعض تلك الصحف التي فيها عبادة علي بن ابي طالب (ع) فاعطيته فقرأ فيها يسيرا ثم تركها من يده تضجرا وقال :من يقوى على عبادة علي بن ابي طالب (ع).
ويتحدث الامام الخميني(قدس) في هذا السياق انه لو أجتمعت الانس والجن على ان يأتوا بتكبيرة الاحرام كما كان يأتي بها مولى المتقين علي بن ابي طالب (ع) لما أستطاعوا "
انها حياة اولياء الله الذين لا يأنسون الا به
وأسمعه كما يحدث طاووس اليماني يقول : رأيت علي بن الحسين (ع)يطوف من عشاء الى سحر ويتعبد فلما لم ير أحد رمق السماء بطرفه وقال :" الهي غارت نجوم سماوتك , وهجعت عيون انامك , وابوابك مفتحات للسائلين , جئتك لتغفر لي وترحمني وتريني وجه جدي محمد ( ص واله ) في عرصات القيامة ثم بكى وقال : وعزتك وجلاك ما اردت بمعصيتي مخالفتك , وما عصيتك أذا عصيتك وأنا بك شاك ولا بنكالك جاهل , ولا لعقوبتك متعرض , ولكن سولت لي نفسي وأعانني على ذلك سترك المرضى به عليّ, فالآن من عذابك من يستنقذني ؟
وبحبل من أعتصم أن قطعت حبلك عني ؟! فواسوأتاه غدا من الوقوف بين يديك أذا قيل للمخفين جوزوا وللمثقلين حطوا ؟ويلي كلما طال عمري كثرت خطاياي ولم اتب ؟ اما آن أستحي من ربي ؟
ثم بكى وأنشأ يقول :
أتحرقني بالنار ياغاية المنى
فأين رجائي ثم اين محبتي
أتيت بأعمال قباح رديّة
وما في الورى خلق جنى كجنايتي
ثم بكى وقال :"سبحانك تعصى كأنك لا ترى , وتحلم كانك لم تعصى , تتودد الى خلقك بحسن الصنيع كأن بك الحاجة اليهم , وأنت يا سيدي الغني عنهم ثم خرّ الى الأرض ساجدا .
قال فدنوت منه وشلت براسه ووضعته على ركبتي وبكيت حتى جرت دموعي على خده فأستوى جالسا وقال : من الذي شغلني عن ذكر ربي ...
ومع كل هذا الانقطاع من أمامنا(ع).. أقول ويلنا اي عبادة نعبدها ونحن الآثاميين نتخبط في دنيانا !!!!