«أيُّها النّاسُ ، إِنّي استنفرتُكم لجهادِ هؤلاءِ القوم فلم تَنفِروا، وأَسمعتُكم فلم تُجيبوا، ونَصَحتُ لكم فلم تَقْبَلوا، شُهودٌ كالغُيَّب ، أتلو عليكُمُ الحِكمةَ فتُعرِضونَ عنها، وأعِظُكم بالموعظة(1) البالَغة فَتَتفَرقونَ عنها، كأنّكم حُمُرٌ مُستنفِرةٌ فَرَّتْ من قَسْوَرةٍ ؛ وأحُثّكم على جهادِ أَهلِ الجَوْرِ فما اتي على آخِر قولي حتَّى أراكم متفرِّقينَ أياديَ سَبَأ، تَرجِعونَ إِلى مَجألِسِكم تتربّعونَ حَلَقاً ، تَضرِبونَ الأمثالَ ، وتَناشَدونَ (2) الأشعارَ، وتَجَسَّسونَ الأخبارَ، حتّى إِذا تَفرَّقتُم تَسألونَ عَنِ الأسعارِ، جَهلةً(3) من غيرِ عِلْمٍ ، وغَفلةً من غير وَرَع ، وتَتَبُّعاً(4) في غيرِخَوْفٍ ، نَسِيتُمُ الحربَ والاستعدادَ لها ، فأصبحَتْ قلوبكَم فارِغةً من ذكرِها ، شَغَلتُموها بالأعاليلِ والأباطيلِ .فالعَجَب كُلَّ العَجَب وما لي لا أعجَبُ مِن اجتماعِ قومٍ على باطلِهم ، وتخاذُلِكم عن حقِّكم