«أيًّها النّاسُ المجتمعةُ أبدانُهم ، المُختلِفةُ أهواؤهم ، كلامُكم يُوهن(3) الصُّمَ الصِّلابَ ، وفعلُكم يُطْمعُ فيكُم عدوَّكمُ المُرتاب . تَقولونَ في المجالسِ كَيْتَ وكَيْتَ ، فإِذا جاءَ القتالُ قُلتم : حِيْدِيْ حَيَادِ(4)، ما عَزَتْ دَعوةُ مَنْ دَعاكم ، ولا استراحَ قَلْبُ مَنْ قاساكمِ ، أعاليلَ أضاليلَ ، سألتُموني التاخيرَ دِفاعَ ذِي الدَّينِ المَطُولِ . لا يَمنعُ الضيْمَ الذّليلُ ، ولا يدرَكُ الحقُّ إلاّ بالجِدِّ . أيَ دارٍ بعدَ دارِكم تَمنَعونَ ؟
_________
أمْ مَعَ أيَ إِمامٍ بَعْدي تُقاتِلونَ ؟ المَغرورُ والله مَنْ غَرَرْتُموهُ ، ومَنْ فازَ بكم فازَ بالسهم الأخْيَبِ . أصبحتُ والله لا أُصَدِّقُ قولَكم ، ولا أطمَعُ في نُصرتكم ، فَرَّقَ الله بيني وبينَكم ،وأبدلني بكم مَنْ هوخيرٌ لِى منكم . واللهِ لَوَدِدْتُ أنَّ لي بكلّ عَشرهَ منكم رجلاً من بني فِرَاس بن غَنْمٍ ، صَرْفَ الدًينارِ بالدَرْهمِ» (1).َ
ومن كلامهِ عليهِ السّلام ايضاً في هذا المعنى
بعدَ حمدِ اللهِ والثّناءِ عليهِ : «ما أظنُّ هؤلاءِ القومَ - يعنى أهلَ الشّام - إِلاّ ظاهِرينَ عليكم» .
فقالوا له : بماذا يا أَميرَ المؤمنينَ ؟ .
قال : «أرى أُمورَهم قد عَلَتْ ، ونيرانُكم قد خَبَتْ ، وأراهم جادِّينَ ، وأراكم وانِينَ ، وأراهم مجتمِعينَ ، وأراكم متفرِّقينَ ، وأراهم لِصاحبهم مُطيعينَ ، وأراكم لي عاصِينَ . أمَ واللهِ لَئنْ ظَهَرُوا عليكم لتجدُنَّهم اربابَ سوءِ من بعدي لكم ، لكأنّي أنظُرُ إِليهم وقد شاركوكم في بلادِكم ، وحَمَلوا إِلى بلادِهم فيئَكم ، وكأنّي أنظُرُ إِليكم تَكِشُّونَ
كَشِيْشَ (1) الضِّباب (2)، لا تَأخُذونَ حقَاً ولا تَمنَعونَ لله حُرْمةً، وكأنّي أنظُرُ إِليهم يَقتُلونَ صالِحِيكم ، ويًخيفونَ قُرَّاءَكم ، ويحرِمونَكم يحَجُبونَكم ، ويُدْنُونَ النّاسَ دونَكم ، فلو قد رأيتُمُ الحِرمانَ والأَثَرَةَ ، ووَقْعَ السّيفِ ونُزولَ الخَوفِ ، لقد نَدِمتم وخَسِرتُم على تفريطِكم في جهادِهم ، وتَذاكَرْتُم ما أنتم فيهِ اليومَ مِنَ الخفضِ والعافيةِ ، حينَ لا يَنفَعُكُم التذكار»(3).