ماذا قال السيد محمد صادق الصدر في حقوق الانسان؟
هناك كتاب يشرح فيه حقوق الانسان في الاسلام واليكم بعض ماقاله السيد محمد صادق الصدر:
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
في هذا الكتاب اكثر من امر مثير:
1- القراءة الدقيقة لـ ( إعلان حقوق الإنسان والمواطن) وتأريخ تطوره، وكيف أصبح مصدراً للدساتير والتشريعات في أوروبا، ونقاط الضعف فيه، وكيف صمم ليخدم مصالح الرجوازيين.
2- الوعي المعمق والإطلاع الواسع لمصادر التشريع الإسلامي، وعقد المقارنه بين التشريعيين بما يجعل كل منصف وموضوعي لا يختلجه الشك في عظمة النظام الإسلامي، وقدرته على توفير السعادة والعدالة والحرية للبشر، وعجز الأنظمة الوضعية عن تحقيق ذلك.
3- النبوغ المبكر للمؤلف وهو سيدنا الأستاذ الشهيد الصدر (قده) فقد كتبه وهو لم يبلغ العشرين من العمر، حيث تخرج في كلية الفقه تحت رعاية عميدها المصلح المجدد الشيخ محمد رضا لامظفر (قده) . لذا كانت خطوة جناب الشيخ عباس الزيدي (دامت تأييداته) موفقة تماماً حينما أعلمني برغبته بإعادة طبعه.
ولما كان الكتاب يمثل حلقة مهمة في سلسلة الحوار الحضاري مع الغرب، ويلبي الكثير مما نحتاج بيانه في هذه المواجهة التي يريدون أن يصوروها في وجه واحد، وهو النشاط العسكري، لانهم متفوقون فيه ويستطيعون البطش بخصومهم الحقيقيين او الوهميين، ويظهرون نصرهم ويتبجحون به ، ولكنهم يخفون الأوجه الأخرى في هذا الصراع وهي الجوانب الفكرية والأخلاقية والاجتماعية لأنهم خاوون في هذه الجوانب، ولا يصمدون في المواجهة ويفشلون فيها فشلاً ذريعاً، فيجب علينا أن نواجههم في هذه الساحات من الصراع حتى نظهر تخلّفهم وإنحدارهم، ونسلب قناعة الناس – حتى شعوبهم – بهم بالحكمة والموعظة الحسنة، أما هم فيريدون أن يفرضوا (عولمتهم) الثقافية والسياسية والإقتصادية بالقوة، فاذا بدا الصراع هكذا فسيكون النصر حليفنا باذن الله تعالى.
ويؤيد هذا الاتجاه من التفكير أن الإمام المهدي (عليه السلام) سيفتح أوربا والغرب كله بالاقناع والحوار وليس بالقتال.
وفي ضوء ذلك فقد إرتأيت أن يكون الكتاب هو الحلقة الثالثة من سلسلة (نحن والغرب) ليلفت الأنظار إلى حقيقة هذا الصراع .
لا أرى حاجة في التقديم للكتاب أو التعريف به فانه يعرف نفسه بنفسه.
واذا استطال الشيء قام بنفسه وصفات ضوء الشمس تذهب باطلاً
أسأل الله تعالى أن يرفع درجات مؤلفه في الجنان، وأن يؤجر كل من يساهم في طبع الكتاب ونشره والاستفادة منه، وتوعية الأمة بمضامينه،
وإني أنصح بترجمته إلى اللغات الحية في العالم ليؤدي دوره الكامل في بيان الاسلام العظيم
المقدمة
بسم الله الرحمن الرحيم
إن هذا الجهد المتواضع الذي تراه بين يديك، والذي تناول (إعلان حقوق الإنسان والمواطن) بالنقد الإسلامي البنّاء، ليس هو إلاّ نتيجة من نتائج " كلية الفقه " التي كان لي شرف التلمذة بها مدة خمس سنوات متتابعة حتى ان وفقني الله عز وجل بمنّه ولطفه إلى التخرج منها، وقد بذلت الكلية جهداً مشكوراً في تغذية تلاميذها من ثمار الفكر الإنساني قديمةوحديثة ، وإطلاعهم على مختلف وجهات النظر في مختلف حقول المعرفة سواء من الناحية الدينية أو الفلسفية، أو من ناحية العلوم الإنسانية في حقول علم النفس وعلم الإجتماع والتاريخ، أو ما سواها من حقول المعرفة الإنسانية، وذلك ليكون تلاميذها المتخرجون أفذاذا فضلاء يستطيعون مجابهة صعوبات الحياة، وحل المشاكل البشرية على ضوء الإ سلام المنير.
وكان (إعلان حقوق الإنسان والمواطن) مما إستفدته من "كلية الفقه" أيضاً، حيث تلقيته عن الدكتور فاضل حسين في مادة " التاريخ الحديث " ، وقد تفضل بذكره لنا في معرض حديثه عن الثورة الفرنسية بملابساتها المهمة وحوادثها التاريخية، وقد شرحه لنا شرحاً ضافياً، وقد كان لي توفيق كتابته في أثناء إلقاء المحاضرة، وقد أكّد بالخصوص على إن هذا الإعلان إنما يمثل فلسفة ومصالح الطبقة الرجوازية الفرنسية، وإن كان ظاهر العبارة فيه يقتضي أنه شامل لجميع بني الإنسان، بل إنه أكيد على الثورة الفرنسية نفسها ثورة برجوازية، وانما نجحت بقوة البرجوازية الفرنسية، وضعف الإقطاع في فرنسا، ومن هنا جاء هذا الاعلان بعيد الثورة بأيام ممثلاً لجوهر فلسفة الثورة ومصالح البرجوازية. وكان هذا نفسه ما حاولت التأكيد عليه في غضون مناقشة الإعلان، حيث تعرضت بالتفصيل إلى التفسير البرجوازي لكل مادة تقريباً في هذا الإعلان. كما حاولت أن أعرض على ضوء هذا التفسير وعلى ضوء الإسلام نقاط الضعف والقوى في هذا الإعلان، وكيف أن هذا التفسير البرجوازي يترك بهذا الإعلان من البرج العاجي الذي حاول واضعوه أن يضعوه فيه، بالإضافة إلى ضيق الافق وقصر النظر الذي تميز به هذا الإعلان عند مقارنته إلى عدالة الإسلام وشمول تعاليمه وخلوده. وقد تعرضت بشئ من التفضيل إلى شضرحو وجهة النظر الإسلامية في كل قاعدة مما ذكره الإعلان.
ولكنني أود أن اعترف رغم كل ما توسعت به في ذكر التعاليم الإسلامية، إنني قد إختصرت كلامي إختصاراً كبيراً، فقد كان بالإمكان – لو كان المقصود هو الإستيعاب والشمول – ان يمتد البحث إلى أضعاف هذه الكمية، ولكنني إقتصرت على ما له صلة مباشرة بالموضوع، مما يكفي في لفت الأنظار إلى وجهة النظر الإسلامية.
ولما كان ينبغي أثناء عرض وجهة النظر الإسلامية، لكي تكون الصورة واضحة وصادقة، من تصور الدين الإسلامي مطبقاً بجميع اوامره ونواهيه، وخصوصيات تشريعه، فان الإسلام إنما جاء لكي يطبق في المجتمع كوحدة متماسكة يشد بعضها بعض، ليستطيع أن يثمر ثماره شهية ناضجة، كما هو المتوقع منه، وإلا فانه لن يثمر إلا في الحدود الضيقة التي تسمح بها الظروف الموضوعية في كل جيل.
لهذا، إقتضى تصور مجتمع مسلم يتصف جميع أفراده أو أغلبهم بالإسلام،وتقوم بينهم الروابط والعواطف على أساس إسلامي ، وتحكمه حكومة إسلامية شرعية تقوم بتطبيق القوانين الإسلامية على المجتمع الإسلامي.
فان لهذا التصور المدخلية الكبرى في معرفة وتشخيص الثمار الحكيمة والأهداف السامية التي قصدها الإسلام من سن تشريعاته، وعلهي فقد تمت مناقشة الإعلان الفرنسي لحقوق الإنسان على هذا الأساس.
هذا وأرجو أن أجد منك أثناء تجشمك مطالعة البحث، أذنا واعية وقلباً منصفاً وعقلاً قريباً من العدالة والإنصاف وبعيداً عن التعصب الأعمى، فإن التعصب آفة البحث، وذلك لكي تستطيع ان تفهمني كما أريد ان تفهمني، وأن تفهم الإسلام كما يريد الإسلام ان تفهمه. ولك مني سلفاً خالص الشكر.
محمد الصدر
النجف الأشرف