عابس و حب الحسين اجنني
شهيد في سطور:
• أبوه: أبو شبيب بن شاكر بن ربيعة بن مالك بن صعب بن معاوية بن كثير بن مالك بن جشم بن حاشد الهمداني الشاكري.
* عرفت أسرته بالبطولة والإقدام.
* من أهل المعرفة والبصيرة والإيمان.
* من دعاة الحركة الحسينية بالكوفة.
* أرسله مسلم بن عقيل برسالة إلى الحسين (عليه السلام).
* لازم الحسين (عليه السلام) في مكة وجاء معه إلى كربلاء.
* أحجم عنه جيش الكوفة بأجمعهم لما برز.
* ألقى درعه ومغفره وشد عليهم.
* جعل يطارد أكثر من مائتين منهم ثم انعطفوا عليه فقتلوه.
مواقف مشرقة:
هناك من حمل راية الإسلام، والدافع عنها ببطولة وإيمان، لا تأخذه في الله لومة لائم. وعابس بن أبي شبيب الشاكري (رضوان الله عليه) من هذه الطبقة المؤمنة المجاهدة. وشاء المهيمن أن تكون أسرة بني شاكر وهم بطن من همدان ـ كلهم بهذه الصفة إيماناً وبطولة وتفانياً في سبيل إعلاء كلمة الله سبحانه وتعالى. فقد كانوا من شجعان العرب وحماتهم، وكانوا يلقبون بـ(فتيان الصياح) وفيهم يقول: أمير المؤمنين (عليه السلام) يوم صفين: لو تمت عدتهم ألفاً لعُبِدَ الله حق عبادته. (أبصار العين: 88). وفي الكوفة حيث قدم مسلم إليها وأسرع أهلها لبيعته، وفي أحد جلسات البيعة قام عابس الشاكري، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإني لا أخبرك عن الناس ولا أعلم ما في أنفسهم وما أغرك منهم. والله أحدثك عما أنا موطّن نفسي عليه، والله لأجيبنكم إذا دعوتم، ولأقاتلن معكم عدوكم، ولأضربن بسيفي دونكم، حتى ألقى الله، لا أريد بذلك إلا ما عند الله.
شوذب بن عبد الله الشاكري:
مر عليك أن أصحاب الحسين (عليه السلام) كانوا سادة المسلمين وخيارهم وشجعانهم، جمعوا صفات الكمال، وتسابقوا في المكارم والعليا، ولم تكن استجابتهم لسيد الشهداء (عليه السلام) في ذلك اليوم العصيب وليدة الصدفة، بل كانت نتيجة إعدادهم الروحي طيلة الفترة التي عاشوها، وحصيلة عقيدة راسخة استقاموا عليها.
ومن هؤلاء الأبطال شوذب، فقد كان كما يقول التاريخ: من رجال الشيعة ووجوهها، ومن الفرسان المعدودين، وكان حافظاً للحديث، حاملاً له عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، وكان من الرجال المخلصين وداره مألف للشيعة يتحدثون فيها فضل أهل البيت، وكان متقدماً في الشيعة. وفي يوم عاشوراء أقبل عابس على شوذب يسأله: يا شوذب ما في نفسك أن تصنع؟ قال: ما أصنع، أقاتل معك دون ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) حتى أقتل. قال: ذلك الظن بك، أما الآن فتقدم بين يدي أبي عبد الله حتى يحتسبك كما احتسب غيرك من أصحابه، وحتى احتسبك أنا، فإنه لو كان معي الساعة أحد أنا أولى به مني بك لسرني أن يتقدم بين يدي حتى احتسبه، فإن هذا اليوم ينبغي لنا أن نطلب الأجر منه بكل ما قدرنا عليه، فإنه لا عمل بعد اليوم وإنما هو الحساب. تقدم شوذب فسلم على الحسين ثم مضى فقاتل حتى قتل. (إبصار العين: 90، مقتل الحسين للمقرم: 312، الحدائق الوردية 1/126، تاريخ الطبري 6/254).
رحم الله هذه الصفة الطيبة، وأخذ الله بأيدينا إلى انتهاج نهجهم، والسير على هداهم، والاقتداء بهم.
الشهادة:
وبعد أن سقط خمسون شهيداً في الحملة الأولى من أصحاب الحسين (عليه السلام) أخذوا يبرزون للحرب وحداناً وثوانياً أو على شكل مجموعات صغيرة، فيخرج الأخوان والصديقان فيقاتلان حتى يستشهدا معاً. وربما قدم الأخ أخاه والحميم حميمه حتى إذا قتل خرج من بعده. وبعد مقتل شوذب أقبل عابس على الحسين (عليه السلام) وهو يقول: يا أبا عبد الله أما والله ما أمسى على ظهر الأرض قريب ولا بعيد أعز عليّ ولا أحب إليّ منك، ولو قدرت على أن أدفع عنك الضيم والقتل بشيء أعز عليّ من نفسي ودمي لفعلته. السلام عليك يا أبا عبد الله، أشهد الله إني على هديك وهدي أبيك. ثم مشى بالسيف مصلتاً نحوهم، وبه ضربة على جبينه. قال أبو مخنف: حدثني نمير بن وعلة عن رجل من بني عبد من همدان يقال له ربيع بن تميم شهد ذلك اليوم، قال: لما رأيته مقبلاً عرفته، وقد شاهدته في المغازي، وكان أشجع الناس، فقلت: أيها الناس هذا أسد الأسود، هذا ابن أبي شبيب، لا يخرجن عليه أحد منكم. فأخذ ينادي ألا رجل لرجل! فقال عمر بن سعد: ارضخوه بالحجارة. قال: فرمي بالحجارة من كل جانب، فلما رأى ذلك ألقى درعه ومغفره، ثم شد على الناس، فوالله لرأيته يكرد أكثر من مائتين من الناس، ثم أنهم تعطفوا عليه من كل جانب فقتل، قال: فرأيت رأسه في أيدي رجال ذوي عدة، هذا يقول: أنا قتلته، وهذا يقول: أنا قتلته، فأتوا عمر بن سعد فقال: لا تختصموا، هذا لم يقتله سنان واحد. ففرق بينهم بهذا القول. (تاريخ الطبري 6/254).
كلمات العلماء والعظماء:
لو أراد متتبع أن يجمع كلمات المؤرخين وأصحاب السير والتراجم، وغيرهم من العلماء في هذا الشهيد وإخوانه الأبطال لحصل له كتاب مستقل، لما يتمتعون به (رضوان الله تعالى عليهم) من صفات ومزايا تجعلهم في الرعيل الأول من المجاهدين.
نسجل من ذلك:
1ـ قال الإمام المهدي (عليه السلام) في زيارة الناحية:
(السلام على عابس بن أبي شبيب الشاكري). (الإقبال: 47).
2ـ قال أبو القاسم النراقي:
عابس بن شبيب الشاكري من حواري أبي عبد الله الحسين (عليه السلام) قتل معه. (شعب المقال: 68).
3ـ قال الشيخ محمد السماوي:
كان عابس من رجال الشيعة رئيساً شجاعاً خطيباً ناسكاً متهجداً؛ وكان بنو شاكر من المخلصين بولاء أمير المؤمنين (عليه السلام). (إبصار العين: 87).
4ـ قال الشيخ ذبيح الله المحلاتي:
من الشجعان المعروفين، ورئيس الفرسان المتحمسين، وكان شخصاً عابداً، متهجداً، يحيي الليل، ومن الطراز الأول في محبة أمير المؤمنين (عليه السلام). (فرسان الهيجاء 1/180).
5ـ قال عباس محمود العقاد:
فلما برز عابس بن أبي شبيب الشاكري بعد ذلك وتحداهم للمبارزة تحاموه لشجاعته، ووقفوا بعيداً منه، فقال لهم عمر: ارموه بالحجارة فرموه من كل جانب، فاستمات وألقى بدرعه ومغفره وحمل على من يليه فهزمهم، وثبت لجموعهم حتى مات. (أبو الشهداء: 182).
6ـ قال الشيخ عبد الواحد المظفري:
فهو عريق في الشجاعة من حيث رهطه ومن حيث قبيلته، وهو أمر محقق عند العرب. (الأمالي المنتخبة: 137).
7ـ قال باقر شريف القرشي:
وعابس الشاكري كان من أسرة عريقة في الشرف والنبل، عرفت بالشجاعة والإخلاص للحق.. وكان عابس في طليعة أسرته ومن أفذاذهم. (حياة الإمام الحسين 3/227).
الشيخ /الساعدي