قال عليه السلام : «أولى العلم بك ما لا يصلح لك العمل إلاّ به (1)، وأوجب العمل عليك ما أنت مسؤول عن العمل به، وألزم العلم لك ما دلّك على صلاح قلبك، وأظهر لك فساده، وأحمد العلم عاقبة ما زاد في عملك العاجل، فلا تشتغلنَّ بعلم ما لا يضرّك جهله، ولا تغفلنَّ عن علم ما يزيد في جهلك تركه».
وقال عليه السلام : «لو ظهرت الآجال، افتضحت الآمال».
وقال عليه السلام : «من لم يكن له من نفسه واعظ، تمكّن منه عدوه » يعني السلطان.
وقال عليه السلام :«من أتى إلى أخيه مكروهاً فبنفسه بدأ».
وقال عليه السلام : «من لم يجد للإساءة مضضاً لم يكن عنده للإحسان موقع ».
وقال عبد المؤمن الأنصاري : دخلت على الإمام أبي الحسن موسى بن جعفر عليه السلام، وعنده محمد بن عبد الله الجعفري، فتبسمت إليه، فقال : «أتحبه؟» فقلت : نعم، وما أحببته إلاّ لكم. فقال عليه السلام : «هو أخوك، والمؤمن أخو المؤمن لأمه ولأبيه وإن لم يلده أبوه، ملعون من اتّهم أخاه، ملعون من غش أخاه، ملعون من لم ينصح أخاه، ملعون من اغتاب أخاه».
وقال عليه السلام : «ما تساب اثنان إلا انحطّ الأعلى إلى مرتبة الأسفل».
وقدم على الرشيد رجل من الأنصار يقال له : (نفيع) وكان عريفاً، فحضر يوماً بباب الرشيد، وتبعه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، وحضر موسى بن جعفر عليه السلام على حمار له، فتلقّاه الحاجب بالإكرام والإجلال، وأعظمه من كان هناك، وعجّل له الإذن، فقال نفيع لعبد العزيز: من هذا الشيخ؟ فقال له : أفما تعرفه؟ هذا شيخ آل أبي طالب، هذا موسى بن جعفر عليه السلام. فقال نفيع : ما رأيت اعجب من هؤلاء القوم! يفعلون هذا برجل لو يقدر على زوالهم عن السرير لفعل، أما إن خرج لأسوأنه، فقال له عبد العزيز: لا تفعل، فإنّ هؤلاء أهل بيت قلّ ما تعرض لهم
____________
1 - في الأصل : لأنه، وما أثبتناه من البحار.
(
أحد بخطاب، إلاّ وسموه في الجواب سمة يبقى عارها عليه مدى(1) الدهر.
وخرج موسى عليه السلام، فقام إليه نفيع فأخذ بلجام حماره، ثم قال له : من أنت؟ قال : «يا هذا، إن كنت تريد النسب، فأنا ابن محمد حبيب الله بن إسماعيل ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله، وإن كنت تريد البلد فهو الذي فرض الله عزّ وجلّ عليك وعلى المسلمين -إن كنت منهم - الحج إليه، وإن كنت تريد المفاخرة فو الله مارضي [مشركي](2) قومي مسلمي قومك أكفاء لهم، حتى قالوا: يا محمد أخرج لنا أكفاءنا من قريش. خلّ عن الحمار» فخلّى عنه ويده ترعد، وانصرف بخزي، فقال له عبد العزيز: ألم أقل لك؟
وقيل : حج الرشيد فلقيه موسى على بغلة له، فقال له الرشيد: مثلك في حسبك ونسبك وتقدّمك يلقاني على بغلة، فقال : «تطأطأت عن خيلاء الخيل، وارتفعت عن ذلة الحمير»