تعرضت هذه الرويات وغيرها إلى شعارهم، فيحسن بنا الآن أن نحمل عنه
فكرة كافية... وإن كان استطراداً بالنسبة إلى موضوع هذا الفصل.
ذكرت رواية ابن طاووس في الفتن: أن شعارهم: امت أمت. وذكرت رواية المجلسي في البحار: أن شعارهم: يا لثارات الحسين ? .
وأخرج ابن قولويه في كامل الزيارات[] بإسناده عن مالك الجهني عن أبي جعفر الباقر ? ، قال: من زار الحسين ? يوم عاشوراء من المحرم... إلى أن يقول: قال: قلت: فكيف يعزي بعضهم بعضاً. قال: يقولون: عظم الله أجورنا بمصابنا بالحسين ? ، وجعلنا وإياكم من الطالبين بثأره مع وليه الإمام المهدي من آل محمد ? ... الحديث.
وتتضمن هذه الرواية نفسها الزيارة المعروفة بـ[زيارة عاشوراء] التي يزار بها الحسين بن علي ? ، والتي سمعنا الإمام المهدي ? في بعض الروايات التي نقلناها في التاريخ السابق[] يحث على قرائتها حثاً شديداً. وتتضمن هذه الزيارة هذا الدعاء:
فاسأل الله الذي أكرم مقامك أن يكرمني بك ويرزقني طلب ثأرك مع إمام منصور من آل محمد ? . ويقول في موضع آخر منها: وان يرزقني طلب ثأركم مع إمام مهدي ناطق لكم[].
والشعار يمكن أن يراد به أحد معنيين:
المعنى الأول: اللفظ الذي ينادي به في الحرب لأجل بث روح الحماس والإقدام في الجنود. وهو المعنى الذي كان مفهوماً من اللفظ عند صدور الروايات، وقد كان رسول الله ? يتخذ الشعار في حروبه. والمعروف المروي أن شعار المسلمين يوم بدر: يا منصور أمت[] ويوم بني الملوح: امت أمت[].
المعنى الثاني: اللفظ الذي يصاغ للتثقيف الجماهيري، يعبر عن مفهوم أو هدف معين. وهو المعنى المفهوم في عصرنا الحاضر.
والشعار الوارد في هذه الروايات التي نقلناها، إنما يراد بها المعنى الأول، لأنه المعنى الذي كان معروفاً في ذلك العصر. فأصحاب الإمام المهدي ? سيتخذون الشعار في الحرب مشابهاً لشعار رسول الله ? : أمت أمت.
أما المطالبة بثأر الحسين ? ، فرواية البحار تدل على أنه شعار بالمعنى الأول، وتدل الروايات التي بعدها أنه شعار بالمعنى الثاني، بمعنى أنه يكون هدفاً معلناً ومفهوماً تثقيفياً... ولا تنافي بين المعنيين إذ من المحتمل استعمال هذا المفهوم على كلا الشكلين.
وعلى كلا الحالين، فاستعماله واضح, باعتبار أن الإمام الحسين ? أشد القادة الإسلاميين مظلومية في الضمير المسلم بإجماع الأمة المسلمة بكل مذاهبها، فاتخاذ الثأر شعاراً انطلاق من زاوية شديدة الأهمية من ناحية. ومتسالم على صحتها بين المسلمين من ناحية أخرى. وتحمل معنى وحدة الأهداف حركة الإمام الحسين وحركة الإمام المهدي ? . وهي محاولة إحقاق الحق وإزهاق الباطل.
هذا، وبعض هذه الروايات، صحيحة من حيث السند، فتكون قابلة للإثبات التاريخي، في حدود منهجنا في هذا التاريخ.