بسم الله الرحمن الرحيم
اللهم صل وسلم على خير خلقك محمد واله الطيبين
هذه رسالة السيد مقتدى الصدر للنساء
بسم الله الرحمن الرحيم
السيد مقتدى الصدر إلى النساء الزينبيات
ما إن أشرقت علينا أنوار الهداية المحمدية وما إن شع ضياء الشمس العلوية حتى دب الدفء في قلوب حرى، في قلوب للأيمان منتظرة، ومن الظلم منفطرة،فأشرقت الأرض بنور ربها، وابتغت الثمار، واخضرت الأشجار، وانقشع الغبار، فسالت أوديه بقدرها، واخذ الحق يشق طريقه في عقول المحبين، ويخترق جدران الباطل ليصل إلى أبواب الملهوفين، فكان العشاق في لهف.. لينهلوا من كأس لن يضموا بعدها أبدا، فقد كسرت معاول الحق عنجهية الباطل بأيد كانت مرفوعة بالدعاء لربها بان يفتح لها أبواب السماوات لينهلوا من المعين الإلهي قرب معشوقهم، ويقولون ربنا اكشف عنا العذاب إن عذاب جهنم كان غراما، ربنا اذهب عنا الظلام إن ظلام الباطل كان حراما.
ثم إنالكثير من المجتمعات غير معصومة، بل إن الكثير منها يخطئ، ومما يؤيد ذلك ما ورد ( كل ابن ادم خطاء، وخير الخطاءين التوابون )، فمن تاب وعمل صالحا فان الله لا يضيع اجر المحسنين، وكما قال تعالى: واني لغفار لمن تاب وآمنه وعمل صالحا ثم اهتدى.
فهد – يا رب – رجال المسلمين إلى الحق، ونسائهم إلى الصواب، واجعل الوقار زينة الرجال، والحياء عنوان النساء، فقد روي عن أئمتنا – روحي وأرواح العالمين لهم الفدى – في الدعاء: (.... وعلى الشباب بالا نابه والتوبة، وعلى النساءبالحياء والعفة ).
وفي زمننا هذا يعاني المؤمنون والمؤمنات من شريحة نسوية ميالة للعب واللهو, إن نصحتها تهلع, وان تركتها تخدع, فلا هي لنفسها غير صائنة, ولا مع أقرانها على الخير كائنة – مع شديد الأسف -.
وفي نفس الوقت فاني أجد لهن عذرا, فقد تلاعب الغرب والطواغيت بعقولهن العون وقلوبهن عبر مر السنين والأعوام, ولا من معين لهن ولا من ناصر, فصوت الحق ما كان ليصل لهن, ولا أيدي الخير امتدت إليهن, فلعلهن إن رأين الحق يتبعنه, وان مدت لهن يد العون تمسكن بها, بل قد وجدن من الكثيرين صدا, وممن حولهن ردا, وممن يريد هدايتهن لدا, بل إن الكثير ممن حاولواهدايتهن ما كانوا إلا ليخدعوهن مع شديد الأسف, فمأربهم دنيوية منحطة, لكن ما هذا هوالحق – يا أخواتي – بل هذا الباطل بعينه, فالحق إن أراد هدايتكن فلأجلكن فانتن جواهر مكنونة, لا يستطاع لكن طلبا, ولا لكن ظلما.
بل اعلمن إن زينة المرآة شرفها, وجمال المراة قلبها, فلا خير في امرأة لشرفها غير صائنة, بل ستكون منبوذة من الجميع, إلا من كان لها مبغضا ولمصلحته مرجحا, ولا خير في امرأة ذات قلب قد ران عليه الباطل فأسود, و ضرب عليه الفساد فأرتد فيا أختاه – والله - ما هالني إلا إنأراك منبوذة من جميع المؤمنين, مبتذلة لجميع المفسدين, فأرجوا من الله إن يمن عليك بالعفة و السداد فتكونين محبوبة من المؤمنين و المؤمنات, مهابة من المفسدين والمفسدات, فتلك صفات المرأة المؤمنة.
واعلمي انه قد جعلك الله مأمونة مؤتمنة, فأنت أمينة على نفسك, مؤتمنة على إخوانك وأخواتك, وكل الدنيا بزخارفها زائلة, فلا يغرنك بعض دعاة الغرب, فهم لك كارهون, ونحن لك صائنون.
هذا وان مجتمعك بحاجة أليك, فأفتحي صفحة جديدة مشرقة لتكون للباطل محرقة, وللحق محققة, وتكون نقطة بيضاء في سماء العلى وارض الهدى, فتكونين يدا بيد مع أخواتك تبنين وطنا أنهكته المظلمات وأعيته المزعجات, لتنتشليه من وحل الأدران و عتمة الأحزان, فتزيلي الأصنام والأوثان, وتتوجهي لربنا الرحمن, فاطلبي ألرحمه والغفران, فستجدي أبوابه مفتوحة لنساء تائبات, بعيدات عن الإغواء والإطراء, قريبات من الذكروالدعاء.
فحجابك زينة في الدنيا والآخرة, لتبقى أشعة الشمس مشعة من نساء محجبات يهدي بهن الله جيلا وأجيالا, لتقتربن من الحق ميلا وأميالا. فهذه سنت الحياة، وما من تعب من ذاك الحجاب، فعند ئذ فان طلباتك تجاب، ودعائك يستجاب، ليمن الله عليك بان تكوني نواة طيبه للمجتمع، ومربيه للأجيال، فأنت مدرسة، إن تكاملت تكامل الأطفال والرجال، وان فسدت فيكثر الكلام والسجال، والله على ذلك منا لشاهدين.
هذا وما كان الإسلام يوما من الأيام تخلفا، فهو رقي الروح في عالم الملكوت وعر وجها في عوالم اللاهوت، ولا يمكن القول إن الحجاب تخلف، والتبرج والسفور تطور، فان قلت ذلك، قلنا: فما قولك لمر يم العذراء وفاطمة الزهراء ( سلام الله عليهما )، مضافا إلى انه لم يكن يوما من الأيام إعطاء النفس شهواتها تطورا أوتقدما، ولا كبح الجماح تخلفا أو تراجعا، فها هي عوائل الغرب تفككت، والأمراض بينهم انتشرت، كل ذلك بسبب الانحلال والفساد والتبرج والسفور، افيمكن أن تكون مقدمةالفساد والأمراض تطورا ؟ ! .
فان قلت – يا أختاه – إن زمن الحجاب والتخلف ولى وجاء عصر الأسفار والتبرج والتطور, قلنا: حلال محمد حلال إلى يوم القيامة وحرام محمد حرام إلى يوم القيامة فما كان – للحجاب – يوم محدد ولا سبب محدد إلا صون المرأة لشرفها وهو مطلوب عبر مر العصور, قال تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو أبنائهن....إلى آخر الآية.
وان كنت ترين من بعض المدعيات للدين زللا, ومن تصرفاتهن خطأ, فليس ذلك إلا خلطا منك بين المؤمنات العالمات والمندسات الجاهلات, فالمؤمنات الصابرات المحتسبات الورعات لا يكون منهن إلا الخلق العالي والإيمان الرابي والحب الثاوي, ثم اعلمي – يااختاه – انه لا يعرف الإسلام بأتباعه بل بأنبيائه ورسله وأوليائه وكتبه وأحكامه وقادته, والا فإننا سنرد عليكن بنفس إشكالكن, فكم من المتبرجات متخلفات وكم من السافرات مجرمات, لكن هذا لا يعني إن الجميع كذلك, بل الكثير منهن ذوات قلوب صافيات, وذوات عقول للخير حاويات, وذوات نفوس طيبات, بل هن للهداية طالبات, بالإيمان راغبات, وباللاسلام وأحكامه عارفات, ولشرفهن صائنات, وللأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منقادات, وإذا ذكرن بالحجاب كن طائعات, و إذا استزلهن الشيطان فهن له رافضات, وإذا رغبهن الغرب بأفكاره فهن عنهم بتعدات, وهن للباطل نابذات.
إذن فاجعلي من المؤمنات الحقيقيات قدوة لك, فالشر لا يحسب على الخير, فهما نقيضان لا يجتمعان, وكن منصفات بينكن وبين الله فهوالعادل والا كان ظلما وبهتانا. وان رأيتن منهن تقصيرا فهو لما يجدن من ضغوطات وبلاءات, وعلى الرغم من ذلك فهن!صابرات عابدات إن شاء الله, لكن قد انشغلن بالحفاظ على دينهن عن هدايتكن فعذروهن وقلن لهن قولا جميلا, كما هن لهدايتكن ومصلحتكن طالبات, وعليهن تثقيفكن وبالإسلام وأحكامه, والا فان الكثير ممن يعطي حكم الإسلام مغايرا فهو أما جاهل وإما عامد والله فوقهم قاهر.
فلذا ادعوا المؤمنات العالمات المثفقات لعقد ندوات وجلسات من اجل الحجاب ونبذ التبرج والفساد.
هذا واعلمي إن من رغب برؤيتكن سافرات متبرجات فهذا ليس من الخير في شئ فهو عن الحب بعيد, وللبغض والشهوة قريب, فهو يشبع غرائزه وهو عنك لاه, بل هو يضر نفسه من حيث لا يعلم, وليعنيه هل استقمتي أم زللتي, ذلك عنده سواء, هذا وان كل ممنوع مرغوب, وكل مبتذل منبوذ والعياذ بالله.
ثم إن شئت أو رغبت بأي سؤال أو جواب فعلمي إن أبواب الحوزة لك مفتحة, فهي لهدايتك راغبة, وهي دوما مستعدة للجواب على كل سؤال أو إشكال فقد سمعت من السيد الوالد ( قدس سره الشريف ): إن لكل سؤال جوابا, فاسألي لنزيل عنك كل الشبهات, وعلمي إن هذه ليست آخر رسالة, بل إنشاء الله تكون هي بداية الخيروالصلاح لكن.
مقتدى الصدر