منزلة الفقه
-----------------
تعددت العلوم بتعدد اغراضها,كالطب والفلك والهندسة والاصول والفقه والنحو والعقائد والفلسفه والرياضيات والاقتصاد والباريسكولوجي والعلوم الحديثة الاخرى التي لانريد احصائها في هذا المختصر بل لايكمننا احصاؤها البته. حتى ورد:ان العلم اكثر من ان يحصى
لكن لكل منها درجة فضل وحسن,الا انه يبقى ان من اشرف العلوم واعظمها هو:( الفقه) واشرف العلماء هم علماء (الفقه),بل وان التفقه بالدين واجب, فقد قال تعالى:{وما كان المؤمنون لينفروا كافة فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفه ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون},,وهناك احاديث وروايات عديدة في التاكيد على التفقه في الدين,منها:
1- عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم), انه قال: افضل العبادة الفقه,وقال:ما عبد الله بشي افضل من الفقه في الدين)(وسائل الشيعة ج20 ص358).
2- عن امير المؤمنين علي (عليه السلام): من تفقه في الدين كثر,وفي وصية لابنه الحسين(سلام الله عليهما):(00وتفقه في الدين)(من لايحضره الفقيه ج4ص387).
الانه قد يقال:من اين لك بالدليل على اشرفية الفقه على غيره من العلوم؟ اقول :لنا على ذلك عدة ادلة منها :
الدليل الاول: التاكيد على التفقه في الروايات,كما ذكرنا قبل قليل,وقد اوردنا احاديث وروايات,مضافا الى ما قد ورد عن الامام الكاظم (عليه السلام):تفقهوا في الدين فان الفقه مفتاح البصيرة( تحف العقول ص 410 ).
الدليل الثاني:ماورد في مدح(الفقه), فعن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم),قال: خير العبادة الفقه,وعنه ايضا قليل الفقه خير من كثير العبادة.
ومن مجموع هذين الدليلين يمكن استخلاص اشرفية الفقه على باقي العلوم,ولاخير في علم بلا تفقه ,خصوصا بعد ان نعلم ان تعريف الفقه لغة :هو الفهم ,والفقه بالاصطلاح الخاص,هو:العلم بالاحكام الشرعية من ادلتها التفصلية.فيكون المطلوب هو التفقه بكل معارف الدين التي تضع الانسان المؤمن على الصراط المستقيم وتسلك به السبيل القويم,لان الآية الكريمة قالت: (ليتفقهوا في الدين) والدين ليس هو الحلال والحرام فقط كما لايخفى.
الا ان بعض العلماء فسروا الفقه الوارد في القرآن والسنة سواء في مااوردناه ام لم نورده في هذا المختصر,فسروه ب( علوم الآخرة ) او يمكن القول:بعلم الاخلاق والباطن والكمال في درجات الآخرة "1 ",وهو كاطروحة لامانع منها على الاطلاق .الا ان الدخول في مثل هذا الامر صعب جدا,الم تسمع قولهم (عليهم السلام ):( امرنا صعب مستصعب) ولذا يخاف على الكثيرين من الزلل والخلط والتكبر والعظمة والرياء وكشف الاسراروغيرها من افات الباطل حتى انه يكونون في حجب ظلمه او نور لا مخرج منها مع شديد الاسف .ولا يمكننا في هذا المختصر الدخول في تفاصيل هذا الحديث والامه وشجونه وما يتعلق به وخصوصا ان كل ما قد يقال فهو من الاسرار التي لا يمكن التدخل بها من قبلنا نحن المذنبون فلا هذا العلم ابابه واسياده وابوابه التي يدخل منها لمن يسقتحقها فقط
1-في هذا المجال قال الغزالي والكاشاني ان الفقه بمعنا العلم بالاحلال والحرام هو معنى مستحدث وقد كان للفقه في صدر الاسلام معنى اخر وهو علم الاخره ومعرفة دقائق افات النفوس ومفسدات الاعمال وقوة الاحاطه بحقارة الدنيا وشدة التطلع الى نعيم الاخره واستيلاء الخوف على القلب . المحجه البيضاء في تهذيب الاحياء الفيض الكاشاني ج1 ص81
ولا بأس بأن نعود الى الايه السابقه اعني :(وما كان المؤمنون لينفروا كافه فلولا نفر من كل فرقه منهم طائفه ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم اذا رجعوا اليهم لعلهم يحذرون) لنوضح بعض المفردات والمعاني لكي لانكون قد مررنا عليها مرورا سريعا وبلا تدقيق فاقول : في هذه الايه عدة جهات حري بنا شرحها:
الجهه الاولى :قوله: ( وما كان النؤمنون لينفروا كافه فلاولا نفرا من كل فرقه منهم طائفه)
وهنا يقول المفسرون والفقهاء ويستنبطون ان وجوب طلب العلم كفائي حيث ان المحققين يقسمون الوجوب الى قسمين :
الاول :الواجب الكفائي هو الواجب الذي اذا قام به المكلف سقط عن الباقين كتكفين الموتا وانقاذ الغزقى وكذا ما نحن بصدده وهو طلب العلم فانه واجب كفائي اذا قام به شخص سقط عن الاخرين
الثاني الواجب العيني وهو عكس الاول أي لا يسقط الواجب عن الاخرين في حال القيام به كالاصلاه والصوم وسائر العبادات الشخصيه
لكن ما ينبغي ذكره هنا هو ان الوجوب الكفائي هو طلب زيادة العلم بحيث يكون معه الانسان منذر ومبلغا و منذرا ،وهو لا يحصل الا بدرجه معتده بها من العلم والا فان تعلم العلوم الضروريه المتعلقه بالامور الحياتيه والعبادات وغيرها ليست كفائيه والا تساقطت الروايات القائله بالوجوب
مضاف الى اننا يجب ان نلتفت الى طلب العلم واجب على كل المؤمن ...وقيل ومؤمنه!..فتامل
وما يؤيد ذلك،ان وجوب العلم على البعض دون البعض الاخر يقتضى عدم وجوب انذارهم بل غايه الامر ان البعض الاخر يقتضي عدم وجوب انذارهم بل غاية الامر ان الوجوب الكفائي هو لاعطاء العلم وليس لاخذه، ولذا قال تعلى :لينذروا قومهم اذا رجعوا لعلهم يحذرون ،واللام هنا بعنى (لاجل)فيكون المعنى :انهم ينفرون
للتفقهلاجل ان ينذروا قومهم
الجه الثانيه :ان علة النفرهي اولا: التفقه في الدين ثانيا:انذار الاخرين وهي حسب الظاهر متسلسله أي لايمكن تقد الثانيه وهي الانذار على الثانيه على الاولى فتكون الواو هنا بمعنى (ثم)أي ليتفقهوا في الدين ثم ليذروا قومهم اذا رجعوا
الحهه الثالثه :ان الذهاب او (النفر )لاحد سببين او قصدين الاول :قصد الرجوع لانذار القوم الثاني: عدم الرجوع والبقاء في المكان الذي طلب فيه العلم.لتكامل العلمي او لاسباب اخرى او لعدم ارادت الرجوع للانذار والتبليغ وهذا ايضا يدل على امكان الفرق بين التفقه والانذار وان الواجب بالواجب الكفائي هو الانذار لا نفس التفقه وهذا التقسيم مستوحا من قوله :(اذا رجعوا) ففيه امكان عدم الرجوع الاختياري والاضطراي والاجباري ماالى ذلك من تعابيراب عليه بعض المؤلفين و المحققين تقسيم الناس من حيث العلم الى عدة اقسام ،الاان الرئيسي منها :قسمان:عالم وجاهل ،كما قال تعالى في محكم كتابه العزيز:{امن هو قانت اناء الليل ساجدا وقائما يحذر الاخره ويرجو رحمة ربه قل هل يسوي الذين يعلمون والذين لايعلمون انما يتذكر اؤلوا اللالباب}وهم يوردونفي هذا الباب الكثير من الروايات في مدحالعلم ونحن قد اوردنا منها انفا،وسنورد لكم بعض مما يذكروه باختصار:(راس الفضائل العلم)(عيون الحكم والمواعظ،للواسطي ص264) و(العلم مصباح العقل)(عيون الحكم والمواعظ، للواسطي ص50) و(العلم افضل هداية ) (عيون الحكم والمواعظ، للواسطي ص35) و(العلم قائدالحلم )(عيون الحكم والمواعظ للواسطي ص35) و(العلم حجاب من الافات ) (عيون الحكم والمواعظ للواسطي ص35) و(لا كنز انفع من العلم )(عيون الحكم و المواعظ للواسطي ص35) و(لاشرف كالعلم )(عيون الحكم والمواعظ للواسطي ص35)،هذا من ناحية ومن ناحية اخرى يوردون الاحاديث والروايات في ذم الجاهل و المحروم من العلم ، منها :( اذا أرذل الله عبدا حضر عليه العلم )(نهج البلاغة ج4 ص69)و(ما استرذل الله تعالى عبداً الا حرم العلم )(كنز العمال ،حديث 28807) ويمكننا هنا أن نقسم العالم الذي يعطي علمه إلى قسمين أيضاً،كما نوهنا أليه سابقا في طيات هذا المختصر وهما عالم لله و عالم للدنيا وكما ورد عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم ) :(من اخذ العلم من أهله و عمل به نجا ومن أراد به الدنيا فهي حظه )(إصو ل الكافي ج1 ص46 ) او ما ورد عنه ايضا :(من ابتغى العلم ليخدع به الناس لم يجد ريح الجنة )(مكارم الاخلاق ص460)