اقسام العلم
-----------
لايجدر بنا المرور على العلم بهذه البساطة الخالية من التقسيم والتدريج والتفصيل, فانه وان كان بسيط التعريف, الاانه تشعب كثير,ولذا فهو مشتمل على
تفاصيل كثيرة وجليلة, لكن الذي يهمنا هنا بالتحديد
هو التعرض لبعض اقسامه الرئيسية,ويمكننا تقسيمه
الى قسمين:
الاول:العلم اللدني,وهو منصوص عليه في القرآن الكريم
قال تعالى:(فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا
وعلمناه من لدنا علما)(الكهف 65 ).
و(من لدنا) هنا تعني المباشرة بين العبد وربه,كما في الآيه الاخرى التي وردت فيها كلمة( لدنا), وهي:
(كذلك نقص عليك من انباء ما قد سبق وقد آتيناك من لدنا ذكرا. من اعرض عنه فانه يحمل يوم القيامة وزرا .
خالدين فيه وساء لهم يوم القيامة حملا)(طه 99).
وخصوصا ان كلمة ( ذكرا) قد وردت بعدها,وان المراد من( الذكر) القرآن,بقرينة مابعده,أي: من اعرض عنه
فانه يحمل يوم القيامة وزرا.وايتاء الذكر وتنزيله على الروح الامين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) كان بالمباشرة بينه وبين ربه (عز وجل).
وهذا العلم اللدني من مختصات المعصومين صلوات الله وسلامه عليهم اجمعين غاية الامر يمكن ان نقول بانه ممكن لمن كان متصفا بالعصمة الثانوية,او قل العصمة المكتسبه.
هذا,ومن الاجدر بنا الاشارة الى آية اخرى, وهي:(وقل ربي زدني علما)(طه 114),وما استنتجه من هذه الآيه:
ان الانبياء والاولياء,او قل المعصومين( صلوات الله عليهم اجمعين) لايطلبون العلم الامن الله, فلا يمكن للافضل ان ياخذ علمه من الادنى بطبيعة الحال,ولذا يجب ان يكون علمهم لدنياٍٍ, غير مكتسب من شخص معين,الا من هو اعلى منهم او مساو لهم,وهذا لايكون الا فيما بينهم(سلام الله عليهم).
فالاية الكريمة تامر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) ان يستزيد العلم ويطلبه من ربه فقط لامن اجد آخر.
الثاني: العلم المكتسب, وهو علم الناس اجمعين, مادون المعصوم,يكسبه الانسان عن طريق التعلم والتذاكر,وكما ورد في الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) حيث قال:ان الله عزوجل يقول: تذاكر العلم بين عبادي مما يحيي القلوب الميتة اذا هم تنهوا فيه الى امري )(بحار الانوار ج14 ص305 ) وورد عن ابي جعفر(عليه السلام):( تذاكر العلم دراسة والدراسة صلاة حسنة)( بحار الانوار ج1 ص206).
ولاسبيل الى العلم الا عن طريق التعلم, فان فاقد الشي لايعطيه,وعليه فمن اراد ان يعطي علما عليه بالتعلم اولا, والا فان اعطاء العلم من دون تعلم مهني عنه,كما ورد عن ابي عبد الله(عليه السلام):( اياك وخصلتين
ففيهما هلك من هلك: اياك ان تفتي برايك او تدين بما لاتعلم), او ماورد عنه (عليه السلام):( انهاك ان تدين الله بالباطل وتفتي الناس بمالا تعلم )( بحار الانوار ج 2ص114).
بل يمكننا ان نخطوا خطوة اخرى ونقول لاعمل بغير علم, فان عمل بغير علم فهو كلا عمل,وبتعبير آخر :لايقبل العمل الا بالعلم,او قل:ان العلم مقدمة لصحة العمل بصورة او باخرى,كما ورد:عن ابي عبد الله(عليه السلام):قال:قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم):من عمل من غير علم كان مايسفد اكثر مما يصلح)(بحار الانوارج1ص208 ),اوكم ا ورد عنه(عليه السلام): العامل على غير بصيرة كالسائر على غير الطريق لايزيده سرعة السير الابعدا)(بحار الانوار ج57 ص244 ).
ومما يرتبط ارتباطا وثيقا مع التعلم,او بتعبير ادق:
ما ياتي بعد التعلم والتدارس والتباحث,اعطاء العلم
وتعليمه وبذله الى الاخرين,وهو منصوص على استحبابه في الكثير من الروايات, منها:
اولا:ماورد عن ابي عبد الله (عليه السلام) قال:قرات في كتاب علي (عليه السلام):ان الله لم ياخذ على الجهال عهدا بطلب العلم حتى اخذ على العلماء عهدا ببذل العلم للجهال,لان العلم كان قبل الجهل)(بحار الانوار ج2ص67).
ثانيا:ماورد عن ابي جعفر(عليه السلام):زكاة العلم ان تعلمه عباد الله)(بحار الانوارج1ص41).
وهاتان الروايتان ونظائرها مقيدتان بما سبق من روايات النهي عن القول بغير علم او اعطاء العلم بلا تعلم- كما
لايخفى على كل من تفكر .
نعم,يبقى ماهو اهم من ذلك,فبئس العالم الذي يعض غيره وهو لايتعض,فعلى العالم ان يعمل بعلمه قبل ان يعلمه للاخرين,والا كان كمن تعلم القران وعلمه,ولم يهتد بنوره ويقتد.
فقد ورد عن علي بن الحسين(عليه السلام):( ان العلم اذا لم يعمل به لم يزد صاحبه الاكفرا,ولم يزدد من الله الابعدا)(اصول الكافي ج1 ص44 ).
وما عن ابي عبد الله(عليه السلام)(ان العالم اذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا)(بحار الانوار ج2 ص39 ).
ويشترط في التعلم والتعليم,ان يكون العلم علم هداية لاضلالة,او علم حق لاباطل,والا كان علمه هباء منثورا, كما ورد عن ابي جعفر(عليه السلام):من علم باب هدى فله اجر من عمل به ولاينقص اولئك من اجورهم شيئا,ومن علم باب ضلال كان عليه مثل اوزار من عمل به ولاينقص اولئك من اوزارهم شيئا)(بحار الانوار ج2ص 19).اوكما قيل :تعلم لله وعمل لله وعلم لله,فهذا افضل الثواب واكمله