حلقة الجمعة 9 رمضان
20/08/2010
المُقدَّم: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على رسول الله الأمين محمد وآله الطيبين الطاهرين وأصحابه المنتجبين. تحية طيبة لكم مشاهدي قناة الكوثر الفضائية، السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، تقبل الله أعمالكم وصيامكم وسائر طاعاتكم، هذا موعدكم مع برنامج مطارحات في العقيدة ضمن حلقاته الرمضانية الليلية أربعة ليالي من كل أسبوع، عنوان حلقة الليلة (الرد على نظرية أن لله حداً، القسم الأول) نرحب باسمكم بضيفنا الكريم سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، مرحباً بكم سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: أهلا ومرحباً بكم.
المُقدَّم: سماحة السيد في البدأ هل يوجد قبل الدخول في البحث تمهيد تودون ذكره في مقدمة هذا البحث.
سماحة السيد كمال الحيدري: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين والصلاة والسلام على محمد وآله الطيبين الطاهرين.
في الواقع أنني بودي أن أحاول أن أشير في المقدمة إلى أصلين أساسيين:
الأصل الأول: نحن نعلم جميعاً أن القرآن الكريم أشار إلى الهدف الذي من أجله خلق الإنسان، قال تعالى: (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون)، فكمال إنسانية الإنسان لا تتحقق إلا بالعبادة لله سبحانه وتعالى، وإلا ما لم يكن الإنسان عابداً لله سبحانه وتعالى فسيبقى في مرحلة البهيمية، لا يمكنه أن يصل إلى مقام الإنسانية إلا بأن يكون عبداً لله سبحانه وتعالى، ولذا نحن نجد أن القرآن الكريم عندما يصف الأنبياء أول وصف يصفهم به ويقدمه على جميع صفاتهم ومقاماتهم وفضائلهم يثبت أنهم كانوا عباداً لله سبحانه وتعالى، ولهذا قال في الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله كما في أول سورة الإسراء قال: (سبحان الذي اسرى بعده) لم يقل برسوله ولم يقل بإمام الأولين والآخرين، لم يقل بخاتم الأنبياء والمرسلين، لا أبداً، هذا كلها له ولكن التي بها صار بهذه المقامات ووصل إلى هذه الفضائل إنما كان بالعبودية لله سبحانه وتعالى. ولذا أيضاً نحن في التشهد نقول (وأشهد أن محمداً عبده ورسوله) يعني بالعبودية وصل إلى مقام الرسالة والخاتمية.
إذن حقيقة الإنسانية لا يصل الإنسان إلى حقيقة الإنسانية ولا يستحق أن يكون خليفة الله في أرضه إلا إذا كان متحققاً بالعبودية لله سبحانه وتعالى, وهذا أصل اعتقد أنه لا احتاج أن أقف عنده كثيراً.
الأصل الثاني ـ الذي لابد أن يلتفت إليه ـ: هو أن العبادة، بودي أن المشاهد الكريم يقف عند هذه الأصول وإذا كان يريد الاستفادة منها بشكل أفضل فعليه أن يدون هذه الأصول وأن يستذكر هذه الأصول والقواعد في الليل والنهار. أن العبادة لله سبحانه وتعالى لا تعطي اكلها وثمارها ونتائجها في الدنيا والآخرة إلا بمعرفة الله سبحانه وتعالى، وإلا لو عبد الإنسان إلهاً لا يعرفه يكون كما قال الإمام الصادق عليه أفضل الصلاة والسلام: السائر بغير هدى لا يزيده سرعة المشي إلا بعداً، إلا ضلالاً، يعني الإنسان الذي يريد أن يتوجه افترضوا إلى بيت الله الحرام والطريق إنما هو بالشرق أو بالقرب فلو توجه بالاتجاه المعاكس كلما زاد سيره يبتعد لأن الطريق في المشرق وهو يتجه باتجاه المغرب فلا يزيده سرعة المشي إلا بعداً وابتعاداً عن الله سبحانه وتعالى. واقعاً هذه بغض النظر عن القائل من هو هذه هي حقيقة الأمر أن الإنسان لابد أن تكون عبادته لله فلكي تكون هذه العبادة موصلة إلى الله وموصلة إلى القرب الإلهي (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه) فلابد في المقدمة أن يعرف من هو الله سبحانه وتعالى، ولذا تجد أنا لعلماء وأن الائمة عليهم أفضل الصلاة والسلام قالوا: أول الدين معرفة الله، يعني أن المعرفة هي المقدمة الأساسية للعبادة وما لم تتحقق المعرفة فلا معنى للعبادة. لذا هنا نصيحتي لكل المشاهدين الأعزاء أن لا يهتموا فقط بالعبادة وكثرة العبادة وقراءة القرآن وصلاة التراويح عند أخواننا في مدرسة الصحابة وغيرها، هذا كله جيد، ولكن هذه إنما تعطي أكلها بمعرفة الله. فكلما ازداد الإنسان معرفة بالله كلما كانت عبادته أكثر قيمة عند الله سبحانه وتعالى. القرآن الكريم يقول في سورة البقرة (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء والله واسع عليم). أولاً المرحلة الأولى نحن نجد أن القرآن يقول (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، إذن الله يعطي للبعض في مقابل الحسنة عشرة أمثال، في هذه الآية يقول (مثل الذين ينفقون أموالهم في سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة) إذن يعطي سبعمئة ضعف. هذا المقام الثاني. المقام الثالث (والله يضاعف لمن يشاء) يعني يضاعف السبعمئة، لا يعطي للكل سبعمئة لمن يشاء، لأولئك الذين يستحقون لأن عمل الله قائم على أساس الحكمة لا على أساس الجزاف والعبثية، إذن هو يضاعف لمن يستحق، من هو من يستحق؟ من عرف الله حق معرفته قدر الله حق قدره كما في الآيات القرآنية، هذا هو المقام الثالث.
والمقام الرابع (والله واسع عليم) يعني الله سبحانه وتعالى والبعض يعطيهم على قدر سعة رحمته، يعطيهم بقدر حساب، التفتوا جيداً، أنتم استاذ في القرآن وتعرف هذا المعنى جيداً، الآية لم تقل والله واسع حكيم أو واسع عزيز أو واسع غفور بل قالت (واسع عليم) لماذا جاء العلم؟ يقول لأننا نعلم من يستحق العشرة أو يستحق السبعمئة أو يستحق مضاعفة السبعمئة أو يستحق بغير حساب، إليه من؟ يقول هذا على قدر معرفته بالله سبحانه وتعالى.
إذن أيها المشاهد الكريم من أي مذهب كنت وفي أي اتجاه إسلامي كنت وبأي مدرسة أنت معتقد بها من الناحية العقدية إذا أردت أن ترفع عملك وعبادتك أرفعه من خلال، لا من خلال البعد الكمي، بل من خلال البعد الكيفي، يعني ارفع درجة معرفتك بالله سبحانه وتعالى، فكلما ازددت معرفة ازددت قيمة، يعني ازداد عملك قيمة عند الله. إذن على هذا الأساس الآية المباركة عندما تقول (من جاء بالحسنة فله خير منها) خير منها كم درجة؟ هنا بحسبه. إذن القرآن الكريم كأصل كلي قال (من جاء بالحسنة) وهي العبادات وأعمال الخير وخصوصاً في الشهر الفضيل الذي تضاعف فيه أجور العبادات والحسنات (من جاء بالحسنة فله خير منها). إلهي خير منها ما قدره؟ قال: للبعض عشرة، وللبعض سبعمئة، وللبعض ضعف السبعمئة، وللبعض واسع بغير حساب. على أي أساس؟
هذا كلامي موجه إلى أبنائنا وإخواننا وأصدقائنا في مدرسة أهل البيت، من هنا تفهم الروايات التي قالت: من زار الحسين عارفاً بحقه، بعضها تقول وجبت له الجنة، بعضها تقول تعادل عشرة حجات، بعضها تقول تعادل مئة، وبعضها تقول ألف، وهكذا زيارة الإمام الرضا عليه الصلاة والسلام، لماذا هذه الروايات؟ باعتبار التفاوت على قدر معرفة الإمام. الله سبحانه وتعالى عارفاً بحقه يعطيه، أما إذا كان جاهلاً أو منكراً فله بحث آخر.
على هذا الأساس إذا اتضحت هذه المقدمة، واتضح هذين الأصلين الأساسيين أخواني الأعزاء أيها المشاهد الكريم في كل العالم الإسلامي، يوجد هناك اتجاهان أساسيان في معرفة الله، هذه أبحاث أساسية بودي أن المشاهد الكريم يلتفت إليها بشكل دقيق وواضح. يوجد هناك اتجاهان أساسيان لمعرفة الله سبحانه وتعالى:
الاتجاه الأول: وهو الذي ذهب إليه بعض الأعلام، بعض العلماء عبر عنهم ما شئت، بعض المتكلمين، لا اريد أن أقف عند التعبير، وعددهم لا يتجاوز عدد أصابع اليد، يعني لعل عددهم عشرة أو عشرون أو ثلاثون بهذا الحدود، هذا الاتجاه الأول.
والاتجاه الآخر: هو الاتجاه الذي اعتقد به غالبية علماء المسلمين، جمهور المسلمين من أهل السنة والجماعة ومن الأشاعرة ومن المعتزلة ومن الإمامية ومن الصوفية ومن الفلاسفة ومن المتكلمين، كلهم بما يعادل 99% يمثلون هذا الاتجاه، و1% يمثل ذاك الاتجاه.
ما هو الاتجاه الأول الذي عليه بعض العلماء وبعض الأعلام وما هو الاتجاه الثاني؟ حتى نعرف أننا في هذه الأبحاث نريد أن نبحث ماذا وأين نريد أن نصل في معرفة الله سبحانه وتعالى.
الاتجاه الأول: وهو الاتجاه الذي يعتقد بأن الله سبحانه وتعالى له جسم، وله مكان، وله حيز، وله جهة، ويشار إليه بالإشارة الحسية، كما اشير إليك، أشير إلى هذا الكتاب باصبعي، الله أيضاً قاعد أو جالس في مكان ويشار إليه، وأن له حركة لا فقط نزول وإنما نزول مع حركة كيف نتحرك نحن، البعض يقولون أن هؤلاء أثبتوا النزول ولم يثبتوا، سيتضح لكم أن هؤلاء التزموا بلوازم النزول أن الله ينزل، قالوا نلتزم بلوازمه وأن له قدم وأن له ساق وأن له صورة وأن له وجه وأن له عينين وأنه له أصابع وأنه يضع رجله على أخرى وأن الثوب الذي يلبسه إلى نصف قدميه وأن حذائه من ذهب، هذه كلها التزموا بها. ولكن لأن القرآن صريح قال (ليس كمثله شيء) اضطروا إلى أن يقول جسم لا كالأجسام، يد لا كالأيادي، حركة لا كالحركات، انتقال لا كالانتقالات، هذه جملة دائماً وضعوه، اضطروهم إلى هذا قوله تعالى. إذن الاتجاه الأول هو هذا الاتجاه وهو الذي يعتقد أن الله له جسم وحيز ومكان ووجه ويد ورجل وقدم أصابع وأنامل إلى غير ذلك، من هم هؤلاء، كما قلت لا يتجاوز عددهم عدد أصابع اليد، الآن أذكر رؤوس هؤلاء.
الكتاب الأول وقد أشرنا إليه فيما سبق وهو (بيان تلبيس الجهمية، ج3، ص44) لابن تيمية، حققه الدكتور أحمد معاذ حقي، يقول: (وأما في النفي) يتكلم عن أصحاب الاتجاه الثاني الذين قالوا بأن الله ليس بجسم، أن الله ليس له عين، أن الله ليس بجهة، أن الله لا يشار إليه إشارة حسية، نفوا هذه، يقول (فنفيتم عن الله تعالى أشياء لم ينطق بها كتاب ولا سنة ولا إمام من أئمة المسلمين) يعني أنتم بأي حق قلتم أنا لله ليس بجسم، يقول لم ينطق بها كتاب الله وسنة رسوله وإمام من أئمة المسلمين مع أنه بعد ذلك سيتضح أن 90% من أئمة المسلمين قد نفوا هذا. (بل والعقل لا يقضي بذلك عند التحقيق) عند التحقيق لا يقتضي العقل نفي الجسمية عند الله، فالعقل يرى بأنه يمكن أن يكون جسماً، ولا يوجد محذور في ذلك، هؤلاء الذين يحاولون أن ينفوا الجسيمة عن ابن تيمية هنا يصرح بأن العقل لا يقضي نفي الجسمية عن الله تعالى. (وقلتم أن العقل نفاها) الجسمية (فخالفتم الشريعة بالبدعة) عجيب، الشريعة جسمية، سأقف عند هذه الأبحاث (فخالفتم الشريعة بالبدعة) يعني عندما نفيتم الجسمية فقد قلتم بالدعة، إذا نزهت الله عن الجسمية ونزهتموه عن الجوهر وعن التحيز وعن الجهة وعن الإشارة الحسية وعن الأين وعن المكان وعن الصورة فأنتم أهل بدعة. (فخالفتم الشريعة بالبدعة) أولاً (وخالفتم العقول الصريحة) العقول الصريحة لا تنفي الجسمية عن الله، ماذا قلنا بحيث صرنا أهل بدعة وصرنا مخالفين للكتاب والسنة؟ يقول: (وقلتم ليس هو بجسم) أنتم بمجرد أن قلت أن الله ليس بجسم عند الشيخ ابن تيمية تكون صاحب بدعة ومخالف للعقول الصحيحة والصريحة (وقلتم ليس هو بجسم ولا جوهر) ما هو تعريف الجسم؟ هذا أنقله ممن حقق الكتاب وهو الدكتور أحمد معاذ حقي في (ص15) من الكتاب يعرف الجسم، بودي أن المشاهد الكريم يكون معي، يقول: (الجسم هو كل جوهر مادي قابل للأبعاد الثلاثة) يعني طول وعرض وعمق يعني يشغل حجم، (وهي الطول والعرض والعمق ويتميز بالثقل والامتداد) فيه ثقل، ولهذا تجدون أن الله عندما كان يجلس على الكرسي كان لكرسيه أطيط، طبعاً لم يقولون له ثقل، ولكن لازم كلامهم أن له ثقل، وإلا لماذا أن الكرسي له أطيط، لماذا أن الملائكة عندما يعصى الله يحسون بثقله، إذا لم يكن مادة ولم يكن جسماً من أين جاء هذا الثقل، ومن أين جاء هذا الأطيط، يقول (ويتميز بالثقل والامتداد) ثم يشير إلى المصادر يقول: (كشاف اصطلاحات الفنون للتهانوي، والتعريفات للجرجاني، والمعجم الفلسفي لمجمع اللغة العربية، والمعجم الفلسفي لجميل صليبان) الاتفاق على أن هذا الجسم.
وهنا ابن تيمية في (ص34) يقول أيها الناس من قال أن الله ليس بجسم فهو صاحب بدعة وخالف العقول الصريحة. نعم، حتى أنه واقعاً ماذا أقول حتى يموه وحتى يتخلص من الشبهة يقول جسم ولكن لا كالأجسام، نعم هذا شكل من الجسم والله شكل آخر يختلف عنه، ولكنه جسم، له خصائص الجسمية، وإلا إذا لم يكن هذه الأجسام ولا له خصائص الجسمية فلا معنى لتسمية بالجسم، واقعاً القرآن نزل بلسان عربي مبين يعني كيف نقول أنه جسم لا فيه خصائص الجسمية ولا مثل هذه الأجسام ومع ذلك جسم، فلماذا تعبر عنه بالجسم، هذا اقرب منه بالتأويل إلى إبقاء هذه الآيات على ظاهرها.
إذن ليس هو بجسم، ولا جوهر، ولا متحيز، ولا في جهة، ولا يشار إليه بحس، يقول هذه كلها من البدعة، إذا قلت أن الله لا يشار إليه بالحس فقد خالفتم الشريعة بالبدعة وخالفتم العقول الصريحة. إذن الله يقبل الإشارة.
ومن الواضح إذا صار هنا هل يمكن أن يكون هنا؟ محال. ولا أعلم أن هذا الإنسان الذي ينسبون له العلم، كيف يفهمون قوله تعالى (وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداعي إذا دعاني) سؤال: لو فرضنا أن شخصاً في المغرب وآخر في المشرق، وإذا كان الله قريب من هذا الذي في المشرق فلا يمكن أن يكون قريباً ممن هو في المغرب، فكيف يكون قريباً من دعوة الداعي، فالله لا يكون قريباً إذا دعاه اثنان أحدهما بعيد عن الآخر فلا يمكن أن يكون قريباً منهما، ولهذا هؤلاء التزموا قالوا ليس معناه قريب منهما يعني هو قريب، بل يعني علمه محيط بهما، هذا تأويله وسيأتي بحثه بعد ذلك.
قال: (ولا يشار إليه بحس ولا يتميز منه شيء عن شيء) يقول من قال إن الله غير مركب فهو صاحب بدعة، الله مركب من شيء وشيء، (وعبرتم عن ذلك بأنه تعالى ليس بمنقسم) هذا كله بدعة بل الله ينقسم (وقلتم وليس بمركب) الله مركب (وقلتم أنه لا حد له) والله محدود. البعض مع الأسف الشديد يقولون أن السيد الحيدري يخرج عنوان الكتاب ويقرأ من مكان آخر، هذا هو الكتاب (بيان تلبيس الجهمية) هذا هو المصدر الأول.
طبعاً المشاهد الكريم لابد أن يلتفت، هذه مقدمة البحث وإلا التفاصيل ستأتي، كل مفردة من هذه المفردات سنقف عندها لاحقاً، يعني نقف عند كونه جسماً، وعند كونه صورة، أنا فقط أبين النظرية بشمولها العام.
انظروا إلى تلميذه ابن القيم الجوزية في كتابه (الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة) وسأبين بعد ذلك لماذا أن هؤلاء كل من خالفهم يكون جهمي ومعطل ومؤول وفاسق إلى غيره، هذا الأسلوب الرخيص البائس، وإلا الأسلوب العلمي يقول بأن كل له وجهة نظره، وهذه قضية اجتهادية، لماذا بمجرد أن اختلف معك أكون كافراً فاسقاً وأن تكون مسلماً، ومن أعطاك الوكالة في التوحيد حتى تكون أنت الموحد وأنا الكافر والمشرك، لا، أنت الكافر والمشرك وأنا الموحد، إذا صار الأمر كذلك كل يدعي التوحيد لنفسه والكفر لغيره، أنا أقول أنت الكافر وأنت تقول أنا الكافر. هذا المنطق بائس، وهذا منطق العاجز.
(الصواعق المرسلة على الجهمية والمعطلة، ج3، ص934) لابن قيم الجوزية، دار العاصمة للنشر والتوزيع، يقول أيضاً نفس الكلام، يقول: (إن توحيد البعض) وهو الاتجاه الثاني (فهذا توحيدهم وهذا إيمانهم بالرسل ويقولون نحن ننزهه عن الأعراض عن الأبعاض وعن الحدود والجهات وحلول الحوادث) المنزهة يقولون الله لا تحل فيه الحوادث، الله ليس له بعض، ولا يتبعض يعني ليس مركباً من أجزاء، الله ليست له حدود، الله ليست له جهات، يعني يمين وشمال وجنوب وشرق وغرب وأعلى وأسفل ونزول وصعود هذه ليست له، هذا يقول الاتجاه الثاني. يقول: (سيسمع الغر المخدوع هذه الألفاظ) إذن من يعتقد بهذه يكون من الغر المخدوع (فيتوهم منها أنهم ينزهون الله عما يفهم من معانيها عند الإطلاق من العيوب والنقائص والحاجة فلا يشك أنهم يمجدونه ويعظمونه) فيتصور أن هؤلاء يمجدون الله ويعظمون (ويكشف الناقد البصير أن هؤلاء تحت كلامه الإلحاد) يعني أيها المسلم إذا نزهت الله عن الأعراض وعن الجهات وعن الحوادث فأنت ملحد. هذا ليس منطق ديني وليس منطق إسلامي، أما أن أعتقد ما تعتقد بما أقوله، أنت عالم من العلماء يا ابن قيم الجوزية، يا ابن تيمية، يا ذهبي، أنت عالم أيضاً، وأنتم تقولون أنه لا يوجد معصوم بعد النبي صلى الله عليه وآله، فلماذا تعطون العصمة لأقوالكم، من وافقكم فيكون مؤمناً ومن خالفكم يكون كافراً فاسقاً ملحداً. يقول (ويكشف الناقد البصير ما تحت هذه الألفاظ فيرى تحتها الإلحاد وتكذيب الرسل وتعطيل الرب تعالى عما يستحق من كماله) إذا أنا نزهته عن الجسمية يقول عطلته عن كمال ولابد أن تثبت له الجسمية، ثم يقول (فتنزيهه عن الأعراض جحد صفاته كسمعه وبصره وحياته) إذا قلت أن الله ليس متصفاً بالأعراض أهل العلم يفهمون ماذا أقول لأن الأعراض زائدة على ذاته، زائدة على الجوهر، يقول إذا قلت أن الله ليس محلاً للأعراض فأنت جحدت صفات الله سبحانه، فلابد أن تؤمن بالأعراض والحدود والجهات. هذا هو الشخص الثاني وهو ابن القيم الجوزية.
المورد الثالث للإمام الدارمي في كتابه (رد الإمام الدارمي عثمان بن سعيد على بشر المريسي العنيد، ص95) طبعاً بشر المريسي من الاتجاه الثاني، تحقيق محمد حامد الفقي، مكتبة ابن تيمية، يقول: (فيقال لك) يقال للمعارض، يعني يقال لصاحب الاتجاه الثاني (ما أبقيت غاية في نفي استواء العرش إذ قلت لا نقول) هذا الاتجاه الثاني (قال: قلت لا نقول أنه على العرش وفي السماء بالأينية) لابد أن تعتقد أن الله مكانه في السماء وبيته في السماء، الله جالس فوق وينزل إلى السماء، لكنه لا ينزل إلى الأرض، يقول (إذ قلت لا نقول أنه على العرش وبالسماء بالأينية ومن لم يعرف أن إلهه فوق عرش) الفوقية المكانية وليس السيطرة الوجودية (فوق سماواته فإنما يعبد غير الله) يجب أن يحدده أولاً ويقول هذا مكان وهذا بيته وهذا عرشه لكي يعبده، وإلا إذا لم يكن كذلك فذاك يعبد الوثن (فإنما يعبد غير الله ويقصد بعبادته إلى إلهه في الأرض ومن قصد بعبادته إلى إله الأرض كان كعابد الوثن) يا أيها الناس أنت عندما تتوجه إلى عبادة الله لابد أن تجعل في ذهنك أن الله في السماء فقط وإلا إذا جاء إلى ذهنك أن الله في كل مكان (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض إله) يعني إذا هذا أخطرته في ذهنك فأنت عابد للوثن. لا أعلم فأنا أترك الحكم للمشاهد الكريم، يقول لابد أن تتصور الله في السماء وفوق العرش عندما تريد أن تعبده. لا أريد أن أدخل في بحث السماء والعلو وأن هذا العلو مطلق أو نسبي، هذه الكرة الأرضية هذا سماءه هنا وهذا الذي يعش هنا فسماه تكون تحته لأنه يعتبر هذا العلو ولا يعتبر ذاك علوا. يعني هذه الكرة الأرضية هناك أناس يعيشون بهذا الاتجاه وبعضهم يعيش بالاتجاه الآخر، الشرق والغرب لا فرق، أما أعلى وأسفل لأن الكرة الأرضية لها شمال وجنوب، فشماله سمائه في جهة وجنوبه سمائه من جهة أخرى، الله أين في هذه السماء أو في هذه السماء، ولكن الجهل أوصل هؤلاء إلى هذه الدرجة، يعني عدم التدبر (أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها).
يقول (ومن قصد بعبادته إلى إلهه في الأرض كان كعابد وثن لأن الرحمن على العرش) ما الذي يأتي به إلى الأرض (والأوثان في الأرض) لا قوله تعالى: (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض) لا تؤولون علمه كذا، هذا تأويل، ظاهر الآية (وهو الذي في السماء إله وفي الأرض) (وهو معكم) ولذا اضطروا أن يقولوا معكم يعني علمه معكم، لأنه إذا التزموا، يتهمونا بالتأويل، عجيب وسيأتي بحثه، فقط المشاهد الكريم أريد أن يأخذ الصورة الكلية الآن عن هذا الاتجاه، عن هذا المنهج الذي فيه ابن تيمية وجمع من العلماء قبله واتباعه إلى يومنا هذا والذين يكتبون الكتب، وكتبوا في فتاواهم أنه من لم يؤمن بهذا فهو كافر مرتد عن الدين، وإن شاء الله سأقرأ للأخوة، وأنا لست ممن يقول شيئاً بلا دليل وبلا مصدر وبلا مستند. هذا رد الإمام الدارمي.
ومن أولئك الذين وقفنا على كلماتهم هذا الكتاب، وهذا الكتاب يمكن الحصول عليه على المواقع الالكترونية وهو كتاب (الأربعين في دلائل التوحيد) لأبي إسماعيل الهروي، المتوفى سنة 481هـ، تحقيق وتعليق فضيلة الشيخ الدكتور علي بن محمد بن ناصر الفقيهي، أستاذ العقيدة بكلية الدعوة وأصول الدين بالجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، الطبعة الأولى، دار الإمام أحمد للنشر والتوزيع، 1427هـ، لا أملك وقتاً كافياً لأقرأ الكتاب كله، فقط أشير إلى عناوين الفصول الموجودة من خلال الفهرس حتى تعرفون ما هو تصور هؤلاء عن الله، يعني كيف يعرفون الله. في (ص136) من الكتاب يقول: (باب الدليل على أنه تعالى في السماء، الدليل على أنه على العرش، باب وضع الله قدمه على الكرسي)، إن شاء الله بعد ذلك الله عندما يجلس على الكرسي يقولون قدماه على الكرسي عندما يمد رجليه تقعان على الكرسي، وهذه تخالف الروايات التي تقول بأنه يجلس على الكرسي، (باب إثبات الحد لله، باب إثبات الجهات لله) يعني له يمين ويسار وأعلى وأسفل وشمال وجنوب، يعني لا فقط جهة واحدة، كيف أن أنا وأنت لنا جهات الله أيضاً له جهات. (باب إثبات الوجه لله، باب إثبات الصورة له، باب إثبات العينين له، باب إثبات الخط له) الله يخط، لو كنا نرى خطه لكان لطيفاً جداً!! (باب إثبات الأصابع لله، باب إثبات الضحك لله، باب إثبات القدم لله، باب الدليل على أن القدم هو الرجل) هو إنسان ولكنهم لا يستطيعون أن يقولوا ذلك، (باب الدليل على أن القدم هو الرجل) هذه كلها ينقل فيها روايات. هذه الباب في (ص72) الرواية (عن رسول الله بها قال حتى يضع الله رجله فيها فتقوم جهنم قط قط).
(باب الهرولة لله) عجيب ينزل ويتحرك ويمشي ويهرول، يمارس الرياضة لأجل أن لا يصاب بمرض السكر!! واقعاً أنا لا أريد أن أدخل في هذا، هذا الكتاب مطبوع في سنة 1427هـ، الأستاذ الدكتور علي بن محمد بن ناصر الفقيهي، الطبعة الأولى، في المدينة المنورة. (باب إثبات نزوله) وعشرات من الأبواب، فقط أذكر العناوين وعلى هذا الأساس سيتضح للمشاهد الكريم أننا لو أردنا الوقوف عند كل باب باب من هذه لاحتجنا إلى خمسة سنوات ليتضح ما هو تصور هؤلاء عن الله، ولكني أريد أن أوضح هذا الاتجاه، أريد أن أعطي تصور، يعني هذه اللوحة التي أمامه عن الله، هذه اللوحة التي ينبغي للإنسان المسلم عندما يعبد الله أن يعرف الله بها، هذه اللوحة، هذا التصور، هذه المعرفة التي يقول عنها المعرفة التوحيدية، وملئوا الدنيا صراخاً أنهم أهل التوحيد، واتهموا الآخرين بالكفر والزندقة والخروج من الدين، وكأن الله خلقهم من بطون أمهاتهم موحدون، هذا توحيدهم، ولهذا أنت أنظر إلى كلماتهم واقعاً ربوا وهم لا يعلمون فعندما تسألهم يقولون شرك شرك، ما معنى الشرك، ما هو معنى التوحيد حتى يكون هذا شرك، أنا أقسم أن 99% جهلة لا يعرفون ما هو التوحيد، نعم علموا في مراكز معينة أن يقولوا لفلان مشرك، ولذا أنت بمجرد أن تدخل مع بعضهم في حديث علمي، طبعاً هؤلاء الذين يخرجون من هنا وهناك ويدعون إلى المناظرة أنا أتصور أن هؤلاء لو يذهبون وكم سنة أنصحهم لله سبحانه، نصيحة أخوية أن يذهبوا ويطالعوا ماذا يوجد في كتبهم، حتى لا ينفوا كل ما يقال لهم، ونحن قلنا على الفضائيات أن الشيخ ابن تيمية يؤمن بالشاب الأمرد ويصحح، وخرج بعض جهلتهم وقال أن هذه الرواية ليست بصحيحة، وبعد ذلك خرج بعضهم قال حتى لو صحت عنه كلٌ يؤخذ منه ويرد إلا خاتم الرسل، وإذا كان كذلك وابن تيمية يعتقد بالشاب الأمرد وأنتم تتبعونه, فأبن تيمية منحرف التوحيد، فكيف تتبعون شخصاً منحرف في التوحيد.
في كتاب (بيان تلبيس الجهمية، ج7، ص290) حققه الدكتور محمد البريدي، قال: (كما في الحديث الصحيح المرفوع عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس قال رسول الله: رأيت ربي في صورة شاب أمرد له وفرة جعد قطط في روضة خضراء) في البستان، في الحديث الصحيح المرفوع. هذه معرفة ابن تيمية للتوحيد، لماذا تتبعونه إذن، لماذا تدافعون عنه، قولوا أنه باطل، إن لم تكونوا مجسمة وإن لم تكونوا مشبهة، شاب أمر يعني مشبهة.
ومن الموارد في هذا المجال ما ورد في كتاب (إبطال التأويلات لأخبار الصفات، ج1) تصنيف القاضي الإمام الأوحد أبي يعلى الفراء، المتوفى سنة 458هـ، تحقيق ودراسة أبي عبد الله محمد بن حمد الحمود النجدي، مكتبة دار الإمام الذهبي للنشر والتوزيع، انظروا هذا الرجل ماذا يقول في هذا الكتاب، ولذا اضطر المسكين المحقق أن يضعف كل هذه الروايات، وأنا لا ربط لي بتضعيف المحقق لها بل أنا أتكلم في الإمام أبو يعلى الفراء الذي قال بأنها كلها صحيحة، أنا لا أتكلم مع النجدي، يقول: (سمعت رسول الله يقول: إن الله لما فرغ من خلقه - خلق السموات والأرض في ستة أيام - استوى على عرشه واستلقى ووضع إحدى رجليه على الأخرى وقال إنها لا تصلح لبشر) ورواية أخرى قال (سألت أين ربنا. قال: وهو على العرش العظيم متكأ واضع إحدى رجليه على الأخرى) ولذا عندهم مكروه أن يضع الإنسان رجله هكذا. هذه من موارد تشبيه الخالق بالمخلوق. يقول (قال أبو محمد الخلال هذا حديث إسناده كلهم ثقات وهو مع ثقتهم شرط الصحيحين) في الحاشية واقعاً هو ملتفت أنه إذا ثبت هذا فأنه من أوضح مصاديق التجسيم والتشبيه والكيفية التي يقولون عنها لا كالكيفيات، لا كالإنسان، لا كالوجوه، لا كالاستلقاء، وهذا لا مجال فيه للتأويل، إذا كانت كيفية أخرى لماذا ينهى. ولذا حاول في الحاشية بكل ما أوتي من قوة أن يضعف الروايات، وسيأتي أن الحق مع المحقق أو مع المؤلف سيأتي بحثه.
ومن الموارد الأخرى في هذا المجال (شرح العقيدة الواسطية) شرح فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين، إعداد فهد بن ناصر بن إبراهيم السليمان، دار الثريا للنشر، الطبعة الثانية 1426هـ المملكة العربية السعودية، ماذا يقول العلامة العثيمين وهو من أعلام المعاصرين ومن مدرسة أبن تيمية، يقول: (وأما أدلة نفاة الرؤية العقلية) الذين ينفون أن الله يرى بالرؤية العقلية (فقالوا لو كان الله يرى لزم أن يكون جسماً) لأنه إذا ليس له صورة وليس جسم فلا معنى للرؤية، أنت لا تستطيع أن ترى الهواء مع أنه جسم، فكيف بالله، إذا كان مثل الهواء لا يرى إذن لكي يرى لابد أن يكون أكثر جسمية من الهواء. (والجسم ممتنع على الله تعالى لأنه يستلزم التشبيه والتمثيل، والرد عليهم) العلامة العثيمين يرد عليهم (والرد عليهم إنه إن كان يلزم من رؤية الله تعالى أن يكون جسماً فليكن كذلك) ما المشكلة، بعبارة أخرى لماذا أنتم تعترضون. إذن أنا لا أريد أن أقول أن العثيمين يقول أن الله جسم حتى غداً يخرج بعض الجهلة أنه اتهمه وهو لا يقول، أجاز وقال أنه يمكن أن يكون جسماً، وإذا أمكن ذلك فإذن الله هو أو ليس الله، ليس لأننا الآن نريد أن نرى أنه تمكن الجسمية أو لا تمكن، لا أنه جسم أو ليس بجسم هو يقول فليكن كذلك ما المحذور في ذلك (لكننا نعلم علم اليقين لا يماثل أجسام المخلوقين).
نعم، أنا أقول لك أن هذا الجسم لا يماثل هذا الجسم، من يقول أن هناك مماثلة في الأجسام، نحن نقول أن الله سبحانه وتعالى إذا قلتم أنه جسم فهو له جسم ولكن لا كالأجسام له طول 7000 كيلو متر وعرضه 5000 كيلو متر وقدماه كل واحدة 1000 كيلو متر، بالنتيجة هو جسم وله خصائص جسمية، نسأل العثيمين وأتباع العثيمين وتلامذة العثيمين، هذا إمامكم، هذا شيخكم، هذا أستاذكم، هذا عالمكم، هذا الذي يقول فليكن كذلك يعني هذا الجسم فيه خصائص الجسمية أو لا توجد فيه خصائص الجسمية، فإن قال لا توجد فيه خصائص الجسمية فكيف سمي جسماً، ولا معنى لان تقول، أصلاً بينك وبين الله هو ماء تقول سماء، لأن هذا الشيء لا توجد فيه خصائص الجسمية فلماذا سمي جسماً، لا توجد فيه خصائص اليد لماذا سماه الله يد الله، لا توجد خصائص العينية، أنا لا أريد أن أقول عين كالأعين حتى تقول أنت عين لا كالأعين. أنا لا أريد أن أقول أنكم تقولون عين كالأعين، حتى تقول لا، نحن نقول عين لا كالأعين، لا أبدا، أنا أريد أن أسألكم نعم عين لا كالأعين، يد لا كالأيدي، فراش لا كالفراش، ساق لا كالسيقان، ولكن له خصائص الساق واليد والرجل والقدم والعين والوجه والرأس أو ليس له خصائصها، فإن قلتم له خصائص فثبت التشبيه والتجسيم، وإن قلتم ليست له هذه الخصائص فأولاً التسمية باطلة وثانية ثبت أنكم تجهلونه، إذن أنتم لستم عالمين باله سبحانه ولا تعرفونه سبحانه وتعالى فقط تعرفون مجموعة من الألفاظ التي لا قيمة عليمة لها ولا قيمة معرفة لها، لا معنى لها، من قبيل أنك تقول أن زيد اسم لإنسان، أقول ديز يقول اسم ولكن لا أعرف معناه، هذا معناه عندما تقول يد لا كالأيادي وجسم لا كالأجسام أقول لك ما معنى الجسم، تقول لا أعرف، أقول هل له خصائص الجسمية إن قلت نعم صرت مشبهاً ومجسماً وإن قلت لا إذن أنت لا تعرف الله وتجهله، وعبادتك عبادة عن جهل مطبق في هذا المجال.
المُقدَّم: معنا الأخ مصطفى من السعودية، تفضلوا.
الأخ مصطفى: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ مصطفى: بارك الله فيك، عندي نقطتين، النقطة الأولى لو كان معك في الأستوديو أحد علماء السنة لكي يأخذ كل من كلامه ليعرف المشاهد ماذا يقول كل طرف، النقطة الثانية أن سألت خمسة من علماء السنة وقلت أن الشيخ كمال بارك الله فيه يعرض كتبكم ماذا تقولون وهو يأتي بالكتاب أمام الشاشة واسم المؤلف واسم الكتاب. قالوا: نعم، الشيخ كمال بارك الله فيه الكتاب صحيح الغلاف ولكن ما في داخل الكتاب فيه إشكالية.
المُقدَّم: أنت أخي الكريم حينما ترى سماحة السيد يعرض الكتاب أذهب إلى نفس الطبعة ونفس الصفحة التي يشير إليها، لماذا تسأل غيرك وتعطل عقلك أنت وتكون مقلداً ربما هؤلاء يتجنون على سماحة السيد.
سماحة السيد كمال الحيدري: أنا أعطي هدية وجائزة لمن يستطيع أن يجد مورداً واحداً خالفت فيه الأمانة العلمية، أخي العزيز أولاً أن التلفونات والاتصالات مفتوحة بإمكان أي عالم من علمائكم - لا هؤلاء العوام الذين يتكلمون هنا أو هناك- بإمكانه أن يتصل وإن لم نعطه الوقت الكافي للكلام لكم الحق هذا أولاً. وثانياً أنكم تقولون أن ظاهر الكتاب وباطن الكتاب يختلف، أخي العزيز هذا الكلام ينزل على موقعنا وينزل على قناة الكوثر وينزل على موقع الإسلام الأصيل، هذه الأبحاث موجودة في هذا المواقع، جدوا لنا مورداً واحداً أنه لا يطابق ما نقوله عما موجود في الكتاب، الآن أمامكم أنا أقرأ من كتاب (إثبات الحد لله وأنه قاعد وجالس على عرشه) للدشتي المتوفى 665هـ هذا الكتاب، قدم له وعلقه أبو معاذ، الطبعة الأولى سنة 1430هـ يقول: (قال أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني: ولله عز وجل عرش وللعرش حملة يحملونه، والله عز وجل على عرشه وله حد والله أعلم بحده يتحرك ويتكلم وينظر ويضحك ويفرح) كأي إنسان آخر. ثم في الحاشية يقول ويثبت واحدة واحدة من هذه. يا أخي أنت احترم عقلك وراجع المصادر في المكتبات وفي المواقع، دلني على مورد واحد لا يتطابق.
المُقدَّم: مركز الإسلام الأصيل خصص جائزة مقدارها عشرة ملايين ريال لمن يثبت أن سماحة السيد كمال الحيدري يذكر في الغلاف شيئاً وفي داخل الكتاب شيئاً آخر.
سماحة السيد كمال الحيدري: مورد واحد ينطبق أو أن هناك مخالفة بين العنوان وبين ما أنقله.
المُقدَّم: الظاهر أنه من اتباع مدرسة ابن تيمية. معنا الأخ ربيع من فلسطين، تفضلوا.
الأخ ربيع: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ ربيع: الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين، واللعنة الدائمة الأبدية على أعدائهم إلى يوم الدين. سيدي كمال دعني أقبل بدنك الطاهر على هذا الطرح العلمي المميز، ونحن حقيقة عاجزون عن شكرك، أقول في عجالة مستعيناً بالله العلي العظيم، إن مدرسة ابن تيمية عندما يحاولون أن يهربوا من كونهم مجسمين وهذا واضح جلي كما قدمتم يحاولون أن يحلوا الموضوع بالجملة السحرية أنه نحن صحيح نثبت هذه الصفات لله ولكن دون تكييف ولا تشبيه، أقول: هل هذه الجملة فعلاً تحل هذا الإشكال، أقول وبلا ريب أن هذا بالعكس يدخلهم في قضية أخرى فضلاً عن التجسيم فهم بذلك ينسبون العجز لله، فكما هو معروف في منهج العقلاء أن المركب محتاج إلى أجزائه، فهم إن لم يثبتوا التشبيه أثبتوا التركب، فللإنسان يد وللباب يد وللآلة يد، وإن اختلفت فهي بالنهاية جسم وهم يقولون أنها على الحقيقة لا على المجاز، فبما أن المركب محتاج إلى أجزائه فأنتم ركبتم الله والعياذ بالله من هذه العقيدة فجعلتموه عاجزاً. والقضية الأخرى والتي أرجوا أن تتطرق لها، حديث البخاري عندما يقول والعياذ بالله أن الله يضع قدمه في جهنم، هم فضلاً عن إثبات القدم والتجسيم أثبتوا العجز لله لأن الله خلق جهنم والعياذ بالله وكأنها أكبر من حجمه فيضطر أن يضع قدمه لتنطوي إلى بعضها، فكونه أيضاً مجسمين فأنهم أضافوا العجز لله في كثير من الموارد.
المُقدَّم: الأخ محمد أحمد من تشاد، تفضلوا.
الأخ محمد أحمد: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ محمد أحمد: جزاكم الله خير الجزاء وكثر الله من أمثالك، وربنا يوفقك للخير دائماً وأبداً.
المُقدَّم: معنا الأخ محمد من العراق، تفضلوا.
الأخ محمد: السلام عليكم.
المُقدَّم/ سماحة السيد كمال الحيدري: عليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
الأخ محمد: سيدنا الكريم أنا عندي سؤال من شقين أولاً يقولون أن الله في روضة خضراء فإن الله أصبح أصغر من الروضة الخضراء، والشق الثاني جعلوا لله كتلة وللكتلة جاذبية فإذا تحرك من سماء إلى سماء ماذا يحصل في الكون.
سماحة السيد كمال الحيدري: الأخ العزيز الكريم ربيع من فلسطين أشكره على هذه المداخلة الكريمة، ولكنه إن شاء الله تعالى ينتظرنا فهذه الأبحاث طويلة الذيل وأنا أحاول أن ألخصها أنا اليوم معي (25) مصدر ولكن الوقت لا يسعني لأشير لها. أخواني الأعزاء بعد أن أعرض نظرية القائلين بهذا الاتجاه سوف أتكلم ما هي الآثار المترتبة على ذلك، يعني يلزم أن الله سبحانه وتعالى أن يكون حادثاً ولا يكون قديماً وأزلياً لأن الإمام أمير المؤمنين أثبت هذه الحقيقة، يلزم أن يكون الله محتاجاً ولا يكون غنياً لأنه عندما يكون مركباً فالمركب محتاج إلى أجزائه فيكون فقيراً والقرآن الكريم يقول (وهو الغني الحميد) وهذه خلاف غناه. ونتائج خطيرة أخرى كما أشار الأخ العزيز من العراق قال أنه إذا كان له جسم وله كتلة، وأنه ليس أكبر الأشياء بل هو أصغر من بعضها، هذا مضافاً إلى أنه يكون محكوماً بقوانين الفيزياء التي في الأرض أو قوانين الفيزياء التي في الكواكب الأخرى أو في السماء الأخرى، واقعاً لابد أن يجيبوا الناس.
من الناحية النظرية احترم الطرف الآخر، أقول لابن تيمية ولمن يدافع عن ابن تيمية إلى زماننا هذا هو حر في أن ينتخب ما يريد ولكن لابد أن يجيب الناس، لابد أن لا يهرب ويترك البحث في معرفة الله، والبحث في الأسماء والصفات ثم ينتقل إلى البحث في توحيد العبادة، هذا خلاف الأمانة العلمية لأن العبادة فرع المعرفة، أنت ثبت العرش ثم انقش في هذا المجال.
إلى هنا اتضح للمشاهد الكريم، أنا كان عندي كلام آخر أيضاً للعلامة العثيمين يقول بأننا نثبت هذه النصوص في إثبات الفعل والمجيء والاستواء والنزول إلى السماء الدنيا إن كانت تسلتزم الحركة لله فالحركة له حق ثابت بمقتضى هذه النصوص، نلتزم بأن الله متحرك يصعد وينزل. هذا الكلام ورد في كتاب (مجموع فتاوى ورسائل فضيلة العثيمين، ج3، ص73).
المُقدَّم: شكراً سماحة آية الله السيد كمال الحيدري، وشكراً لكم مشاهدينا الكرام نلتقكيم إن شاء الله تعالى يوم غد، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.