إن هناك حركة من المناسب أن يتنبه لها المؤمن، سواء كان في المسجد أو كان في المنزل.. فمن يقدم على هذه الخطوة، يصبح مدمنا عليها، مثلما يدمن الإنسان الذي يتناول تلك الحشيشة التي تنبت في الأرض، وتفرز مادة حمضية.. فإن تناولها لمرة واحدة، لا يستطيع تركها.. فهل رب العالمين الذي جعل خاصية الإدمان في حشيشة صغيرة، لا يمكن أن يجعل الإدمان الإيجابي: أي الإدمان الروحي، والإدمان التكاملي، في حركة من الحركات؟..
إن هذه الحركة هي التي كانت مصدر أنس لأئمة الهدى (ع) وهم في سجون الظالمين.. فالإمام موسى الكاظم (ع) شكر الله -عز وجل- على نعمة السجن، لأنه أصبح في خلوة.. وذلك لأنه إمام طرح نفسه لقيادة الأمة وهدايتها، ولكن الناس أعرضوا عنه، وجاء الحاكم الظالم وأودعه السجن وتفرغ لعبادة الله عز وجل.
إن السجدة بالنسبة للأولياء والصالحين، ليست مجرد دقائق وسويعات، بل لعلهم كانوا يمضون بعض لياليهم في السجود.. حيث أن من أفضل موجبات الاطمئنان، هو الذكر في حال السجود.. وهو مقتضى قول النبي (ص): (أقرب ما يكون العبد من ربه، وهو ساجد).. فالسجود هو أشرف حركة بدنية ..
(كان رسول الله (ص) عند عائشة ذات ليلة فقام يتنفّل، فاستيقظت عائشة فضربت بيدها فلم تجده.. فظنت أنه قد قام إلى جاريتها، فقامت تطوف عليه فوطئت على عنقه وهو ساجدٌ باكٍ يقول: "سجد لك سوادي وخيالي، وآمن بك فؤادي، أبوء إليك بالنعم، وأعترف لك بالذنب العظيم، عملت سوءاً وظلمت نفسي، فاغفر لي إنه لا يغفر الذنب العظيم إلا أنت، أعوذ بعفوك من عقوبتك، وأعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ برحمتك من نقمتك، وأعوذ بك منك، لا أبلغ مدحك والثناء عليك، أنت كما أثنيت على نفسك، أستغفرك وأتوب إليك".. فلما انصرف قال: يا عائشة!.. لقد أوجعت عنقي، أي شيء خشيت؟.. أن أقوم إلى جاريتكِ)؟!..