انتفاع الاِنسان بعمله وعمل غيره
كما أنّ الاِنسان ينتفع بعمل نفسه كصلاته و صومه كذلك ينتفع بعمل غيره إذا كان له دور فيه كما إذاخلَّف أعمالاً خيرية يستفيد منه الناس كصدقة جارية أجراها أو إذا ترك علماً ينتفع به أو
ربّى ولداً صالحاً يدعو له، فهو ينتفع بصدقاته وعلومه ودعاء ولده.
ونظيره الجسر الذي بناه، والنهر الذي أجراه، والمدرسة التي شيّدها، والطريق الذي عبّده، فقد ينتفع به لاَنّها أعمال قام بها بنفسه باقية بعد موته.
أخرج مسلم في صحيحه انّ رسول اللّه (صلى الله عليه وآله وسلم) ،قال:« إ*ذا مات الاِنسان انقطع عنه عمله إلاّمن ثلاثة:إلاّ من صدقة جارية ، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له».( ـ صحيح مسلم:5|73، باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت من كتاب الهبات.)
وأخرج مسلم، عن جرير بن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه : من سنَّ في الاِسلام سنّة حسنةفعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها ولا ينقص من أُجورهم شيء، ومن سنَّ في الاِسلام سنّة سيئة فعمل بها بعده كتب عليه مثل وزر من عمل بها ولا ينقص من أوزارهم شيء.(صحيح مسلم:8|61، باب «من سنّ سنة حسنة أو سيئة» من كتاب العلم.
ففي هذا المورد ينتفع الميت بعد موته بعمل الغير لقيامه في ترغيب ذلك الغير وتشويقه إلى فعله، فانّ من سنّ سنة حسنة كأنّه يدعو الغير بعمله هذا إلى الاقتداء به.
إنّما الكلام فيما إذا لم يكن للميت نصيب في العمل، فهل يصل ثواب عمل الغير إليه إذا أهدى صاحب العمل ثوابه إليه ؟
فالظاهر من الكتاب والسنّة انّه سبحانه بعميم فضله وواسع جوده يوصل ثواب عمل الغير إلى الميت فيما إذا قام الغير بعمل صالح نيابة عنه وبعث ثوابه إليه، ويدل عليه لفيف من الآيات والروايات.منها
1. استغفار الملائكة للموَمنين
قال تعالى: (الَّذينَ يَحْمِلُونَ الْعَرشَ وَمَنْحَولَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُوَْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذينَ آمَنُوا رَبّنا وَسِعتَ كُلّشَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبيلَكَ وَقِهِمْ عَذابَ الْجَحيم).(1)
وقال تعالى:
(تَكادُ السَّماواتُيَتَفَطَّرْنَ مِنْ فَوقِهِنَّ وَالْمَلائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَنْ فِي الاََرْضِ أَلا إِنّ اللّهَ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحيم) .(2)
2. دعاء الموَمنين للسابقين إلى الاِيمان
(وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنا اغْفِرْ لَنا وَلاِِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالاِِيمان وَلا تَجْعَلْ في قُلُوبِنا غِلاًّ لِلَّذينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَوَُوفٌ رَحيمٌ).(3)
فلو لم يكن لاستغفار الملائكة ودعاء الموَمنين للتابعين سبيل
____________
1 ـ الموَمن|7.
2 ـ الشورى|5.
3 ـ الحشر|10.