الأخ ناصر الفاروق كذلك الله خاطب موسى عليه السلام فهل هذا يعني أن مكانه في الأرض ....
اليك حبيبي معنى الكلام الألهي كما ورد :
إنّ لكلامه تعالى في القرآن الكريم معاني أو مصاديق ثلاثة نشير إليها:
1. الكلام اللفظي: قال سبحانه:
"فَلَمّا أَتاها نُودِيَ مِنْ شاطِىَِ الوادِ الاََيْمَنِ فِي الْبُقْعَةِالْمُبارَكَةِ مِنَ الشَّجَرَةِ أَنْ يا مُوسى إِنِّي أَنَا اللّهُ رَبُّ الْعالَمِينَ" . (1)
دلّت الآية الكريمة على أنّه تعالى نادى نبيه موسى _ عليه السلام _ وكلّمه من طريق الشجرة، إمّا بإيجاد الكلام فيها ـ كما قال بعضهم ـ أو بأخذه حجاباً وتكليمه من ورائه. (2)
2. الكلام بالاِيحاء: وهو إلقاء المعنى فقط أو اللفظ والمعنى معاً في روع الاَنبياء وغيرهم من الاَولياء الاِلهيين، إمّا بلا واسطة أو معها، قال سبحانه:
"وَما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللّهُ إِلاّ وَحْياً أَوْ مِنْ وَراءِ حِجابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ ما يَشاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ" . (3)
فقوله:"إِلاّوَحْياً" إشارة إلى الاِيحاء بلا واسطة، وقوله:"أَو يُرسِلَ رَسُولاً..." إشارة إلى الاِيحاء بواسطة ملك الوحي كما قال تعالى:
"نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الاََمْينُ* عَلى قَلْبِكَ" . (4)
كما أنّ قوله:"أَو مِنْ وَراء حِجاب" إشارة إلى الكلام المسموع كما تقدّم.
____________
(1)القصص:30.
(2)وعلى الاحتمال الثاني فالآية راجعة إلى قوله تعالى:(أَوْمِنْ وَراءِ حِجاب) (الشورى|51).
(3)الشورى:51.
(4)الشعراء:193ـ194.
( 121 )
فترى انّه سبحانه أطلق لفظ الكلام على الوحي بقسميه، وعدَّ إيحاءه سبحانه، تكليماً له، فالوحي كلامه والاِيحاء تكليمه.
3. نفس وجود الاَشياء: هناك آيات تدلّ على أنّ وجود الاَشياء كلام له تعالى، ترى أنّه تعالى يصف المسيح _ عليه السلام _ بأنّه كلمة اللّه التي ألقاها إلى مريم العذراء، قال تعالى:
"إِنَّما الْمَسيحُ عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ".(1)
4. القضاء والحكم الاِلهي
قد استعملت الكلمة في كثير من الآيات فيما قاله تعالى وحكم به، كقوله:
"وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى عَلى بَني إِسْرائيلَ بِما صَبَرُوا" . (2)
وقوله:
"وَكَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ عَلى الّذينَ فَسَقُوا أَنَّهُمْ لايُوَْمِنُونَ". (3)
وقوله:
"وَلَولا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ" . (4)
إلى غير ذلك من الآيات الكثيرة في هذا المجال.
____________
(1)النساء:171.
(2)الاَعراف:137.
(3)يونس:33.
(4)يونس:19.
وقد فسّر الاِمام علي _ عليه السلام _ قوله تعالى بفعله الذي ينشئه ويمثله، حيث قال:
«يقول لمن أراد كونه كن فيكون، لا بصوت يقرع، ولا بنداء يسمع، وإنّما كلامه سبحانه فعل منه أنشأه ومثّله». (1)
فتحصّل بذلك، انّ كلامه سبحانه في القرآن لا ينحصر في الكلام اللفظي، كما لا يكون منحصراً في الكلام الفعلي، بل هناك قسمان آخران سمّيا بالكلام، أحدهما: الوحي، وثانيهما: قضاوَه تعالى وحكمه، نعم يمكن إرجاع هذين القسمين إلى الكلام الفعلي، بلحاظ انّ الاِيحاء والقضاء أيضاً من أفعاله سبحانه.
ننتظر مشاركاتك وحظورك الدائم