قال أبو عبد الله عليه السلام : اعرفوا العقل وجنده والجهل وجنده تهتدوا ، قال سماعة : فقلت : جعلت فداك لا نعرف إلا ما عرفتنا ، فقال أبو عبد الله عليه السلام : إن الله عز وجل خلق العقل وهو أول خلق من الروحانيين عن يمين العرش من نوره فقال له : أدبر فأدبر ، ثم قال له : أقبل فأقبل ، فقال الله تبارك وتعالى : خلقتك خلقا عظيما و كرمتك على جميع خلقي ، قال : ثم خلق الجهل من البحر الأجاج ظلمانيا فقال له : أدبر فأدبر ، ثم قال له : أقبل فلم يقبل فقال له : استكبرت فلعنه ، ثم جعل للعقل خمسة وسبعين جندا فلما رأى الجهل ما أكرم الله به العقل وما أعطاه أضمر له العداوة فقال الجهل : يا رب هذا خلق مثلي خلقته وكرمته وقويته وأنا ضده ولا قوة لي به فأعطني من الجند مثل ما أعطيته فقال : نعم فإن عصيت بعد ذلك أخرجتك وجندك من رحمتي قال : قد رضيت فأعطاه خمسة وسبعين جندا فكان مما أعطى العقل من الخمسة والسبعين الجند : الخير وهو وزير العقل وجعل ضده الشر وهو وزير الجهل ، والإيمان وضده الكفر ، والتصديق وضده الجحود ، والرجاء وضده القنوط ، والعدل وضده الجور ، والرضا وضده السخط ، والشكر وضده الكفران ، والطمع وضده اليأس ، والتوكل وضده الحرص ، والرأفة وضدها القسوة ، والرحمة وضدها الغضب ، والعلم وضده الجهل ، والفهم وضده الحمق ، والعفة وضدها التهتك ، والزهد وضده الرغبة ، والرفق وضده الخرق ، والرهبة وضدها الجرأة ، والتواضع وضده الكبر ، والتؤدة وضدها التسرع ، والحلم وضدها السفه ،
والصمت وضده الهذر، والاستسلام وضده الاستكبار، والتسليم وضده الشك ، والصبر وضده الجزع ، والصفح وضده الانتقام ، والغنى وضده الفقر ، والتذكر وضده السهو ، والحفظ وضده النسيان ، والتعطف وضده القطيعة ، والقنوع وضده الحرص ، والمؤاساة وضدها المنع ، والمودة وضدها العداوة والوفاء وضده الغدر ، والطاعة وضدها المعصية ، والخضوع وضده التطاول ، والسلامة وضدها البلاء ، والحب وضده البغض ، والصدق وضده الكذب ، والحق وضده الباطل ، والأمانة وضدها الخيانة ، والإخلاص وضده الشوب ، والشهامة وضدها البلادة ، والفهم وضده الغباوة ، والمعرفة وضدها الإنكار ، والمداراة وضدها المكاشفة ، وسلامة الغيب وضدها المماكرة ، والكتمان وضده الإفشاء ، والصلاة وضدها الإضاعة ، والصوم وضده الإفطار ، والجهاد وضده النكول ، والحج وضده نبذ الميثاق ، وصون الحديث وضده النميمة ، وبر الوالدين وضده العقوق ، والحقيقة وضدها الرياء ، والمعروف وضده المنكر، والستر وضده التبرج ، والتقية وضدها الإذاعة ، والإنصاف وضده الحمية ، والتهيئة وضدها البغي ، والنظافة وضدها القذر ، والحياء وضدها الجلع ، والقصد وضده العدوان ، والراحة وضدها التعب والسهولة وضدها الصعوبة ، والبركة وضدها المحق ، والعافية وضدها البلاء ، والقوام وضده المكاثرة ، والحكمة وضدها الهواء ، والوقار وضده الخفة ، والسعادة وضدها الشقاوة ، والتوبة وضدها الإصرار ، والاستغفار وضده الاغترار ، والمحافظة وضدها التهاون ، والدعاء وضده الاستنكاف ، والنشاط وضده الكسل ، والفرح وضده الحزن ، والألفة وضدها الفرقة والسخاء وضده البخل . فلا تجتمع هذه الخصال كلها من أجناد العقل إلا في نبي أو وصي نبي ، أو مؤمن قد امتحن الله قلبه للإيمان ، وأما سائر ذلك من موالينا فإن أحدهم لا يخلو من أن يكون فيه بعض هذه الجنود حتى يستكمل ، وينقي من جنود الجهل فعند ذلك يكون في الدرجة العليا مع الأنبياء والأوصياء ، وإنما يدرك ذلك بمعرفة العقل وجنوده ، وبمجانبة الجهل وجنوده ، وفقنا الله وإياكم لطاعته ومرضاته .