السجود:
من رفع الرأس من الركوع وفي حين التهيؤ لتواضع وخضوع أكثر يهوي إلى الأرض. إنّ وضع الجبهة على الارض علامة لأعلى مستوى لخضوع الانسان، وإنّ المصلي يرى هذا الحد من نصاب الخضوع يناسب الله، إذ أنّ الخضوع لله هو خضوع لكل ما هو حسن وللجمال المطلق، ويرى ذلك حراماً وغير جائر بالنسبة لكل شيء وشخص غير الله، إذ أنّ جوهر الانسان وهو أثمن بضاعة في متجر الوجود يتحطم بهذه العملية ويغدو الانسان ذليلاً ومنكسراً، وبينما هو واضع رأسه على الأرض، غارق في عظمة الله، يبرز اللسان قائلاً باتساق تام ما يفسر في الحقيقة عمله ويشرحه.
سبحان ربيّ الاعلى وبحمده( بالامكان أيضاً أن تقول ثلاثاً : سبحان الله ) .
الله الاعلى، الله المنزّه والمطهرّ، وأمام هذه القوة فقط ينبغي للانسان أن يلهج بالثناء ويضع جبهته على التراب.
فاذن -سجدة الصلاة- ليست انحناءة أمام موجود ناقص وضعيف لا قيمة له كالهوي أمام الاصنام والقدرات الخاوية، بل هو هوي أمام الاعلى والاطهر والاعز.
إنّ المصلي بهذه الحركة يعلن بشكل عملي إنصياعه لله الحكيم والبصير، وقبل كل شيء يلقن نفسه هذا التسليم والانقياد، إنّ قبول هذه العبودية المطلقة لله -كما أسلفنا- هو الذي يرفع عن الانسان قيود عبادة كلّ شيء وشخص، ويخلصه من الاسر والذلة التي هو فيها.
إن أهم أثر يرتجى من هذين الذكرين (ذكر الركوع والسجود) هو تعليم المصلي أمام أي شيء يجب أن يخضع وينثني، وهذا معناه نفي كل ما عدا الله، وربما يشير إلى هذا الامر الحديث المنقول عن الامام (ع): أقرب ما يكون العبد إلى الله وهو ساجد(سفينة البحار (ج1) مادة سجد) .
من أعماق الصلاة /السيد علي الخامنئي